تُواجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتهامات بالازدراء من قبل قضاة أميركيين، وذلك بسبب استمرارها في استخدام أساليب مختلفة لتجنب أو عرقلة تنفيذ أحكام قضائية تطالبها بوقف ترحيل المهاجرين. هذا الأمر ينذر بصدام محتمل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
تتبع الإدارة نهجًا يعتمد على تلافي الطعون القانونية ضد خطط الرئيس ترمب للترحيل، حتى لو كانت تنتهك أوامر القضاة الفيدراليين، الذين يدرس بعضهم اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا لمحاسبة المسؤولين عن ازدراء المحاكم.
بدأت ملامح العرقلة في قضية أمام القاضية الفيدرالية باولا زينيس في منتصف أبريل الماضي، بشأن ما إذا كان المسؤولون انتهكوا أمرها بـ"تسهيل" إطلاق المواطن السلفادوري، كيلمار أرماندو أبريغو غارسيا، الذي جرى ترحيله ظلماً إلى سجن سيئ السمعة في بلده الأصلي. طلبت زينيس من وزارة العدل إعلامها بالخطوات المتخذة لتحرير أبريغو غارسيا من الحجز، خاصة بعد اعتراف محامي وزارة العدل أيريز روفيني بأن الترحيل ناجم عن "خطأ إداري".
ورغم مرور سبعة أسابيع، لم يحصل أي تطور إيجابي، بسبب تباطؤ وزارة العدل في الكشف عن الوثائق والإجابة عن الأسئلة. كتب وكلاء الدفاع عن أبريغو غارسيا أن "هذا يعكس نمطًا من التأخير المتعمد ورفض الامتثال لأوامر المحكمة بسوء نية". وأضافوا: "تلاشى بريق وعود محامي الحكومة بالقيام غدًا بما كانوا مُلزمين به بالأمس".
هذا الموقف وضع محامي وزارة العدل في وضع صعب، حيث اضطروا إلى الاعتراف أمام القضاة الفيدراليين بأن "عملاءهم" في وزارة الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى رفضوا تقديم المعلومات المطلوبة منهم. وبعد اعتراف المحامي روفيني بأنه يشعر بالإحباط لعدم قدرته على الإجابة عن أسئلتها بشكل كامل، ردّت وزارة العدل على صراحته بوقفه عن العمل ثم فصله.
بشكل ما، تشبه أساليب وزارة العدل تلك التي استخدمها وكلاء الدفاع عن ترمب في القضايا الأربع التي واجهها قبل إعادة انتخابه، ومنها الطعن في مسائل ثانوية، وعند كل مفترق، فضلاً عن الطلبات المتكررة من القضاة بتأجيل النظر في هذه القضايا. يشغل اثنان من هؤلاء المحامين، وهما تود بلانش وأميل بوف، الآن مناصب عليا في وزارة العدل.
لا يزال من غير الواضح حتى الآن كيف تنوي القاضية زينيس التعامل مع تعنت وزارة العدل في قضية أبريغو غارسيا، لكن التوترات قد تبلغ ذروتها قريبًا.
زينيس ليست القاضية الوحيدة التي واجهت عوائق من إدارة ترمب. يواجه القاضي الفيدرالي في واشنطن جيمس بواسبيرغ عرقلة مشابهة، وهو يهدد الآن بفتح تحقيق مماثل في انتهاك وزارة العدل لأمر أصدره في قضية إرسال طائرات مليئة بمهاجرين فنزويليين إلى السلفادور. أعلن أنه يفكر في اتخاذ إجراءات ازدراء لمعاقبة الإدارة لفشلها في الامتثال لتعليماته في مارس الماضي.
أصدرت القاضية الفيدرالية الأخرى في ماريلاند، ستيفاني غالاغر، حكمًا يعيد صياغة ما قررته القاضية زينيس في قضية أبريغو غارسيا. طلبت غالاغر من إدارة ترمب "تسهيل" عودة مهاجر فنزويلي جرى ترحيله ظلماً أيضاً إلى السلفادور. لكن في الأيام التي تلت ذلك، واجهت القاضية غالاغر نمطًا مألوفًا من التهرب والتأخير.
في البداية، تغاضت القاضية غالاغر عن خسارة وزارة العدل لمحاولتها إقناع محكمة الاستئناف الفيدرالية بتعليق أمرها. ثم، في أعقاب تلك الهزيمة، أمرت الإدارة بتزويدها بمعلومات مُحدثة عن الخطوات التي اتخذتها للسعي لإطلاق المهاجر الفنزويلي. وعندما قدمت وزارة العدل تحديثها الأسبوع الماضي، استندت إلى حد كبير إلى تصريح من مسؤول هجرة فيدرالي لم يتضمن أي تفاصيل جديدة حول القضية.
استاءت القاضية غالاغر من كل هذا، فأصدرت قرارًا جديدًا الأربعاء الماضي، متهمة الإدارة بـ"تجاهلها التام" لأمرها بتحديثه. وأعلنت وزارة العدل أن وزير الخارجية ماركو روبيو "يُدير شخصيًا مناقشات مع حكومة السلفادور" في شأن المواطن الفنزويلي. وأضافت: "قرأ الوزير روبيو أمر هذه المحكمة وفهمه، ويريد أن يُؤكد لهذه المحكمة التزامه ببذل جهود سريعة ودؤوبة نيابة عن الولايات المتحدة للامتثال لهذا الأمر".
لكن في مذكرة دفاعية متضاربة للقاضية غالاغر، قال محامو المهاجر الفنزويلي إن إدارة ترمب لم تتخذ بعد أي خطوات لإعادة موكلهم. وطلب المحامون منها عقد جلسة للاستماع إلى شهادات من "صانعي القرار الرئيسيين" حول السبب، ومعاقبة المسؤولين، إذا لزم الأمر، بإصدار حكم بازدراء المحكمة.
قبل أقل من أسبوعين، صرّح القاضي الفيدرالي في بوسطن براين مورفي بأنه قد يسعى بنفسه إلى فرض عقوبات ازدراء على الإدارة بعد أن قرر أن مسؤولي ترمب انتهكوا أحد أوامره بوضع مجموعة من المهاجرين على متن رحلة ترحيل إلى أفريقيا بإشعار أقل من يوم واحد. في أبريل الماضي، منع القاضي مورفي صراحة مثل هذه الخطوة، وأصدر حكماً يمنع المسؤولين من ترحيل الأشخاص إلى دول غير دولهم دون منحهم "فرصة حقيقية" للاعتراض أولاً.