السبت, 7 يونيو 2025 10:26 PM

إغلاق مخيم الركبان: طي صفحة النزوح المرير في البادية السورية مع بقاء تحديات

إغلاق مخيم الركبان: طي صفحة النزوح المرير في البادية السورية مع بقاء تحديات

بالأمس، عادت آخر ثماني عائلات كانت تقيم على الحدود السورية الأردنية إلى تدمر والقريتين وريف دير الزور. ومع ذلك، لا تزال حوالي 30 عائلة مرتبطة بالمخيم موجودة خارج حدوده على الجانب السوري، وبعضهم من البدو الرحل. هذا ما أوضحه عماد غالي، الناشط الإغاثي والطبي السابق وأحد سكان القريتين، في تصريح خاص، واصفًا المرحلة الأخيرة من مخيم الركبان ووضع العائلات المتبقية التي لم تشملها عمليات الإخلاء.

في الوقت الذي أعلنت فيه المنظمة السورية للطوارئ (SETF)، بالتعاون مع منظمة الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة (IRUSA)، عن الإغلاق الرسمي للمخيم، لا تزال مجموعات صغيرة من العائلات البدوية تنتظر حلولًا مناسبة لنمط حياتها المتنقل.

واحدة من أقسى حكايات النزوح في سوريا تُطوى

تأسس مخيم الركبان في بداية العقد الماضي في منطقة خفض التصعيد بالقرب من قاعدة التنف الأمريكية، ووصل عدد النازحين فيه إلى أكثر من 85 ألف شخص من البادية السورية. وبسبب الحصار الذي فرضه النظام السوري وحلفاؤه، وإغلاق الأردن للحدود، وتوقف المساعدات بعد هجوم لتنظيم داعش في عام 2016، تحول المخيم إلى "سجن مفتوح" يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. عاش السكان لسنوات في ظل نقص حاد في الغذاء والدواء، واعتمدوا على التهريب للبقاء على قيد الحياة، بينما كانت الخدمات الطبية شبه معدومة.

وفي هذا السياق، ذكر الناشط خالد الحمصي من ريف حمص الشرقي، أن "حوالي 400 عائلة، معظمهم من تدمر والقريتين ومهين ودير الزور، انتقلوا إلى مخيم الركبان بعد سقوط النظام في المنطقة خوفًا من عمليات انتقام أو اعتقال من قبل قوات النظام." وأضاف أن ظروف النزوح كانت قاسية جدًا في البداية، ثم ازدادت سوءًا بعد الحصار.

سنوات من الإغاثة والعمل الميداني

منذ عام 2019، قادت SETF تدخلات إنسانية نوعية، بدأت بتأسيس أول صيدلية مجانية داخل المخيم، ثم أقامت شراكات مع الجيش الأمريكي لتأمين إيصال مساعدات جوية وبرية شملت أدوية ومواد غذائية وكتبًا مدرسية وأطباء. وفي يونيو 2024، تم تأمين أكثر من 650 طنًا من المواد الغذائية العاجلة، بالإضافة إلى تفعيل بند يسمح للطائرات العسكرية الأمريكية بنقل مساعدات إنسانية عند توفر مساحة، وتأمين مقاعد للأطباء.

إشادة رسمية وخطوات مأمولة

في تعليق رسمي، قال وزير الطوارئ والكوارث، رائد الصالح: "إغلاق مخيم الركبان يمثل نهاية لواحدة من أقسى المآسي الإنسانية التي واجهها أهلنا النازحون. نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لمسار ينهي معاناة بقية المخيمات ويعيد أهلها إلى ديارهم بكرامة وأمان."

نهاية الركبان… وبداية أسئلة جديدة

إغلاق مخيم الركبان لا ينهي ملف النزوح السوري، لكنه يشكل سابقة إيجابية في إمكانية إنهاء معاناة طويلة الأمد، إذا توفرت الإرادة والتنسيق بين الجهود المحلية والدعم الدولي. ومع ذلك، تبقى تساؤلات حول مصير المخيمات الأخرى في الداخل والخارج، ومصير العائلات التي لا تزال على الهامش، مثل البدو الرحل الذين أشار إليهم أبو شام غالي. إن ما حدث في الركبان ليس مجرد ختام، بل فرصة لإعادة التفكير في كيفية معالجة جذور النزوح، وضمان عدم تكرار المأساة.

مشاركة المقال: