الأحد, 8 يونيو 2025 10:14 PM

عودة سوق دمشق للأوراق المالية: خطوات لتجاوز البيروقراطية وتحفيز الاستثمار

عودة سوق دمشق للأوراق المالية: خطوات لتجاوز البيروقراطية وتحفيز الاستثمار

عنب بلدي – جنى العيسى بعد توقف دام أكثر من ستة أشهر، أعادت وزارة المالية السورية، في 2 من حزيران الحالي، افتتاح سوق “دمشق للأوراق المالية” والتداول فيه، بحضور حكومي رسمي ومشاركة عدد من رجال الأعمال والمستثمرين والتجار.

وزير المالية، محمد يسر برنية، قال خلال فعالية إعادة افتتاح السوق، إن إعادة الافتتاح رسالة بأن الاقتصاد السوري بدأ بالتحرك والانتعاش، معتبرًا أن السوق سيكون شركة خاصة ومركزًا حقيقيًا لتطوير الاقتصاد ومواكبة التطورات الرقمية.

الوزير أوضح أن رؤية الدولة الاقتصادية تقوم على العدالة والإنصاف وريادة القطاع الخاص وجذب الاستثمار، مضيفًا أن الوزارة ستعمل على تسيير العمل على اعتبار وجود فرص استثمارية واعدة.

توقف سوق “دمشق للأوراق المالية” عن العمل، في 5 من كانون الأول 2024، بسبب عدم استقرار النظام المصرفي، مع سقوط نظام بشار الأسد.

أُسس سوق “دمشق للأوراق المالية” بموجب المرسوم التشريعي رقم “55” لعام 2006، ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المادي والإداري، وله بهذه الصفة، تملّك الأموال المنقولة وغير المنقولة والتصرف بها، والقيام بجميع التصرفات القانونية لتحقيق أهدافه، وله حق التقاضي. يهدف السوق إلى توفير المناخ المناسب لتسهيل استثمار الأموال وتوظيفها، وتأمين رؤوس الأموال اللازمة لتوسيع النشاط الاقتصادي، من خلال ترسيخ أسس التداول السليم والواضح والعادل للأوراق المالية.

بعد انخفاض أداء.. 18 شركة تتداول

قبل سقوط نظام الأسد، تأثر أداء سوق “دمشق” بشكل كبير خلال السنوات الماضية لأسباب سياسية واقتصادية، فضلًا عن أن العقوبات الغربية التي فرضت على سوريا أثرت على التداول في البورصة لأسباب تنظيمية وتقنية.

كان غياب الشفافية من قبل الشركات والمصارف، واقتصار الاستثمار فيها على شركات وقطاعات محددة، وغياب ثقافة الاستثمار في الأسهم، وشح المعلومات عن هذا القطاع الاقتصادي، يؤدي إلى إبعاد المستثمرين عن الاستثمار في بورصة دمشق.

وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، أكد اتخاذ الإجراءات اللازمة ‏للتأكد ‏من سلامة الامتثال لمواجهة عمليات غسل الأموال واستغلال المجرمين ‏للسوق، مشيرًا إلى أن جميع بيانات سوق “دمشق للأوراق المالية”، ‏والحفظ المركزي وملكيات المساهمين محفوظة، ‏وتتمتع بأعلى درجات الحماية.

وفق برنية، سيقتصر التداول في السوق بالبداية على ثلاثة أيام في الأسبوع.

يبلغ عدد الشركات المدرجة في سوق “دمشق للأوراق المالية” 27 شركة، عادت منها هذا الأسبوع 18 شركة مساهمة للتداول، فيما لم تحقق الشركات الأخرى ضوابط إعادة التداول الصادرة عن “هيئة الأوراق والأسواق المالية”، وسيتم إعادة أسهمها للتداول فور تحقيقها للضوابط.

تحسن في تمويل الشركات

حول أثر إعادة افتتاح سوق “دمشق للأوراق المالية”، قال نائب المدير التنفيذي للسوق، الدكتور سليمان موصلّي، لعنب بلدي، إن هناك عدة آثار لذلك أبرزها عامل الثقة والعوامل النفسية التي تشير إلى عودة الحياة للنشاط الاقتصادي في البلاد، حيث صار السوق بوابة سوريا على العالم بسبب وجود مساهمين ومستثمرين أجانب فيه.

كما أن الشركات العائلية أو الشركات المساهمة الخاصة ستبدأ بالتفكير بأن تصبح شركات مساهمة عامة تدخل إلى السوق المالية، بحسب ما يرى موصلّي، وبالتالي يؤدي إلى تحسن في قيم الشركات وإقبال أكبر على المستثمرين عليها، وتحسين قدرتها على تمويل أنشطتها من السوق المالي، عبر الاقتراض بسعر فائدة أقل.

هذا كله يتيح للشركات العمل في بيئة صحية تؤمّن من خلالها مصادر تمويل منخفضة التكلفة، وبالتالي تضمن زيادة الأرباح وتحسن الأداء.

من جهته، يرى عضو نقابة الاقتصاديين السوريين حسام أبو عمر، أن من المؤكد أن إعادة افتتاح سوق “دمشق للأوراق المالية”، بعد انقطاع دام ستة أشهر، سيكون لها أثر إيجابي على الاقتصاد السوري، إذ يكتسب هذا الافتتاح أهمية خاصة لأنه يتزامن مع بدء رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا، الأمر الذي يتوقع أن يُسهم في تسريع وتيرة تعافي السوق المالي.

إعادة تفعيل السوق من شأنها أن تهيئ بيئة قانونية وتنظيمية أكثر جاذبية لتأسيس الشركات المساهمة، بحسب ما قاله حسام أبو عمر لعنب بلدي، لا سيما في ظل العقبات التي كانت قائمة في فترات سابقة، إذ حرم الاقتصاد السوري من هذا النوع من الشركات نتيجة غياب الشروط المؤسسية، وعلى رأسها وجود سوق أوراق مالية فعّال ومرتبط بالأنظمة المالية الإقليمية والدولية، ويُعد إنعاش السوق خطوة أساسية نحو تمكين الشركات السورية من التوسع إقليميًا، وربما عالميًا، على المدى البعيد.

عضو نقابة الاقتصاديين السوريين أشار إلى أن نشاط السوق تراجع بشكل كبير بعد 2011، وحتى سقوط النظام السابق أواخر عام 2024، بسبب السياسات المتبعة آنذاك والعقوبات الدولية المفروضة.

تعويل على المال الأجنبي

من المرجّح أن يشهد سوق “دمشق للأوراق المالية” إقبالًا متزايدًا، وفق ما يرى عضو نقابة الاقتصاديين حسام أبو عمر، إلا أن هناك تحديات تتعلق بمستوى وعي المستثمرين المحليين وثقافتهم فيما يخص أهمية التداول في الأسواق المالية والعوائد المحتملة، لذلك، يُعوّل بشكل كبير على رأس المال الأجنبي، وكذلك على المستثمرين من أبناء الجالية السورية في الخارج، للمساهمة في تنشيط هذا السوق.

وأضاف حسام أبو عمر، أنه في الوقت الراهن يصعب تقديم تقديرات دقيقة لحجم الاستثمارات المتوقعة، خاصة على المدى القريب، إلا أن المؤشرات الأولية تعكس مناخًا واعدًا يستدعي العمل على رفع الوعي الاستثماري لدى المواطنين، وتوفير بيئة تنظيمية شفافة وآمنة لضمان استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.

مساهمون: بيروقراطية غير جذابة

نائب المدير التنفيذي لسوق “دمشق”، سليمان موصلّي، قال لعنب بلدي، إن الجهاز الرقابي على السوق المتمثل بـ”هيئة الأسواق والأوراق المالية” يعمل منذ اليوم الأول لتحرير سوريا على تطوير تشريعات لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل دخول وخروج الأموال، وطرح أدوات مالية جديدة مثل صناديق الاستثمار والصكوك، ما يوفر أدوات مالية سهلة تمكن المستثمر الأجنبي من الدخول إلى السوق السورية، ويحصل من خلال ذلك على تطمينات حول إمكانية إخراج الأموال في الوقت الذي يراه مناسبًا، ما يزيد بالتالي من الإقبال على السوق.

أظهرت نتائج استطلاع أجري على عينة من آراء المساهمين والمتداولين في سوق الأوراق المالية بدمشق، بحسب أسئلة طرحتها عنب بلدي، أن معظم التشريعات والقوانين الناظمة لإجراءات التداول تتسم بالبيروقراطية وتفتقر إلى التحديث، الأمر الذي ينعكس سلبًا على كفاءة السوق وجاذبيته للاستثمار، وفق ما أشار إليه عضو نقابة الاقتصاديين السوريين حسام أبو عمر.

وفي ضوء ذلك، أورد المساهمون أبرز الاقتراحات التشريعية التي من شأنها تحسين بيئة العمل في السوق، وتتمثل بما يلي:

  • السماح بفتح حسابات والتداول من خارج سوريا، ما يسهم في جذب الاستثمارات الخارجية وتوسيع قاعدة المستثمرين.
  • سنّ قوانين تُيسّر سحب الأموال من البنوك، وتمنع حجز السيولة عن المساهمين، بما يعزز ثقتهم بالنظام المالي.
  • إصدار تشريعات تحدّ من الاحتكار وتحمي صغار المستثمرين، لضمان بيئة أكثر عدالة وتوازنًا في السوق.
  • رفع مستوى الشفافية عبر تحديث الإجراءات الإدارية، وسَنّ قوانين واضحة تضمن وضوح المعلومات ودقتها.
  • إعفاء المستثمرين الجدد من الضرائب لفترة زمنية محددة، تشجيعًا على دخول السوق وتنشيط حركة التداول.
  • الترويج للسوق بكل الوسائل الإعلانية الممكنة، لا سيما من خلال البرامج التلفزيونية التي تسلط الضوء على السوق وأنشطته.
  • إطلاق نشرات اقتصادية دورية تتناول أوضاع أسهم الشركات المدرجة، لتوفير معلومات دقيقة للمستثمرين.
  • من الجيد أن تقوم الحكومة السورية بتشكيل لجنة مختصة للاطلاع على القوانين والإجراءات الحالية وتحديثها بما يتناسب مع تطور سوق الأوراق المالية العالمي.
مشاركة المقال: