الإثنين, 26 مايو 2025 12:10 AM

تجميد التسهيلات الائتمانية: شبح الركود يخيم على الاقتصاد السوري

تجميد التسهيلات الائتمانية: شبح الركود يخيم على الاقتصاد السوري

عنب بلدي – كريستينا الشماس

يشهد الاقتصاد السوري منذ بداية الأزمة ركودًا عميقًا، طال مختلف القطاعات، وعلى رأسها القطاع المصرفي. فنتيجة للسياسات الاقتصادية المتعثرة وتأثر البنوك بقيود السيولة وسقوف السحب، توقفت بعض البنوك الخاصة عن منح التسهيلات الائتمانية، كالقروض والكفالات، للمستثمرين والصناعيين والتجار.

يواجه الاقتصاديون صعوبات تمويلية كبيرة تعيق عملهم، بانتظار قرارات باستئناف منح القروض والتسهيلات المصرفية. ورغم الإعلانات الترويجية لقروض مؤسسات التمويل الصغير، فإنها غير كافية لتمويل الشركات الكبرى.

تسهيلات مرهونة بالاستقرار

طارق سعد، ضابط المخاطر في قسم الائتمان لدى "شهبا بنك" والباحث في إدارة الجودة المصرفية، أوضح لعنب بلدي أن منح التسهيلات الائتمانية المصرفية يتطلب تحديد نوعها، سواء كانت نقدية (مباشرة) أو غير نقدية (غير مباشرة).

التسهيلات النقدية، الأكثر طلبًا، تتطلب ضمانات مثل رهن عقاري أو بوليصة تأمين. وأكد سعد أن حالة عدم الاستقرار تؤثر على جميع القطاعات، بما في ذلك الركود العقاري وتذبذب سعر الصرف، مما يؤثر على سعر الفائدة على التسهيلات الائتمانية.

موظف متخصص في ضبط المخاطر المصرفية للشركات الكبرى، فضل عدم ذكر اسمه، أشار إلى أن بعض البنوك أوقفت منح القروض بسبب تذبذب سعر الصرف وعدم ثبات قيمة الليرة السورية، مما يعقد عملية منح القروض، خاصة مع اعتماد البنوك على الضمانات العقارية المتأثرة بسعر الصرف.

كما يواجه العملاء صعوبات في استخراج الأوراق اللازمة للقروض، مثل تجديد السجل التجاري. ويلعب غياب الاستقرار الأمني دورًا في المخاطر التي يأخذها المصرف في الحسبان، حيث تعرض بعض الصناعيين لسرقة معاملهم أو تضرر ممتلكاتهم المرهونة.

طلبات معلّقة

توقف عدد من طلبات الصناعيين والمستثمرين للحصول على تسهيلات ائتمانية منذ بداية الأزمة، وما زال العملاء ينتظرون معالجة طلباتهم. وأوضح طارق سعد أن تقديم التسهيلات المباشرة وغير المباشرة يعتمد على قرارات داخلية لكل مصرف، وعلاقة العملاء بالمصرف.

وأشار سعد إلى وجود صعوبات في عمليات الرهن العقاري، حيث تفضل العقارات داخل المدن، وخاصة "الطابو الأخضر". ويتم تقييم العقارات من قبل خبراء، ويتم تسعيرها وفق القيمة السوقية الرائجة، وبعد استكمال الإجراءات يتم رهن العقار وصرف المبالغ أو تقديم التسهيل المطلوب.

الضبابية تسود مشهد العقارات

المستشارة العقارية في المصرف الدولي للتجارة والتمويل، فضلت عدم ذكر اسمها، أوضحت أنه في حال انخفاض قيمة الضمانة العقارية عن القرض، يتم اتخاذ إجراءات احترازية، كالحجز على ممتلكات العميل ومنعه من السفر. ويمكن إعطاء قرض بزيادة نسبة التحفظ على قيمة العقارات الحالية وأخذ ضمانات إضافية.

أسعار العقارات في سوريا مرتبطة بالمسار الأمني والسياسي والاقتصادي، لذلك تسود "الضبابية" مشهد سوق العقارات. ورغم جمود عمليات البيع والشراء، فإن أسعارها بالدولار ثابتة نوعًا ما استنادًا لتحليل كلف البناء والإكساء.

جميع القطاعات

يرى طارق سعد أن الدورة الاقتصادية تضررت من توقف منح القروض، مما يؤثر على الصناعة والتجارة وجميع القطاعات. ويرى أن الحل يكمن في عودة الأمان والاستقرار الاجتماعي، حيث لا يمكن معاودة الأنشطة الاقتصادية في ظروف الفوضى.

وأفاد موظف ضبط المخاطر في الأعمال المصرفية للشركات الكبرى أن عملهم تأثر نتيجة توقف منح القروض، والذي يقتصر على إصدار مذكرات روتينية، وترقين إشارات الرهن، ومتابعة سداد القروض من قبل العملاء.

مشاركة المقال: