الأحد, 8 يونيو 2025 10:11 PM

الموانئ الجافة في سوريا: استثمارات أجنبية وفرص واعدة لدعم الاقتصاد الوطني

الموانئ الجافة في سوريا: استثمارات أجنبية وفرص واعدة لدعم الاقتصاد الوطني

عنب بلدي – أمير حقوق أعلنت الحكومة السورية عن استثمارات أجنبية لإنشاء واستثمار الموانئ الجافة، وهو مصطلح لم يكن معمولًا به في سوريا قبل سقوط النظام السابق. تمثل الموانئ الجافة نمطًا حديثًا ومتطورًا من مواني التخزين والنقل، فتعزز من قدرات الدول بتسهيل حركة البضائع وتقليل التكاليف وتبسيط الإجراءات الجمركية.

ووقعت "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" في سوريا، خلال أيار الماضي، مذكرتي تفاهم استراتيجيتين مع شركتي: "CMA CGM" الفرنسية، و"Fidi Contracting" الصينية، بهدف إنشاء وتشغيل موانٍ جافة في كل من المنطقة الحرة السورية- الأردنية المشتركة، والمنطقة الحرة في عدرا بريف دمشق، والمنطقة الحرة في حسياء بمحافظة حمص.

الهدف من المذكرتين تطوير البنية التحتية اللوجستية، وتعزيز دور المناطق الحرة كمراكز محورية للتجارة الإقليمية، وذلك من خلال ربطها بشبكات النقل البحري والبري الدولية.

ما المقصود بالموانئ الجافة

منذ إعلان توقيع المذكرتين، سبّب مصطلح "الموانئ الجافة" مواضع غموض ولغط كثيرة، باعتباره غير متداول في البيئة الاقتصادية السورية سابقًا. مدير العلاقات العامة في "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية"، مازن علوش، قال لعنب بلدي، إن الموانئ الجافة هي مراكز لوجستية متكاملة، تُقام داخل اليابسة، وتكون مرتبطة بالمرافئ البحرية عبر شبكات النقل البري أو السككي، وتؤدي دورًا مكمّلًا للمواني التقليدية.

وعزا هدف الهيئة من إنشاء الموانئ الجافة إلى تخفيف الضغط عن المرافئ البحرية، وتقليل زمن تفريغ وتحميل البضائع، وتسهيل إجراءات التخليص الجمركي داخل البلاد، ما يسهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني.

واعتبر علوش هذه المواني ركيزة مهمة لتحويل المناطق الحرة إلى منصات إقليمية، لتجارة الترانزيت وإعادة التصدير.

ملايين الدولارات

وحول توقيع الهيئة مذكرتي التفاهم، أشار علوش إلى أن الاتفاقيات تشمل استثمار مساحات واسعة من المناطق الحرة، لتأسيس وتشغيل موانٍ جافة، ومناطق لوجستية متكاملة. أما من حيث القيمة، فتُقدّر الاستثمارات الأولية بملايين الدولارات، بحسب علوش، منوهًا إلى خطط توسعية مستقبلية، مرتبطة بزيادة حركة التجارة والنقل.

وأوضح أن العقود الموقعة هي مذكرات تفاهم استثمارية طويلة الأجل، تُنظم العلاقة بين الهيئة والمستثمرين، وفق مبدأ الشراكة في التطوير والتشغيل، بحسب ما أضافه علوش.

عقود المذكرتين تخدم سوريا من خلال:

  • جذب استثمارات أجنبية مباشرة.
  • توفير فرص عمل محلية في قطاع النقل والخدمات.
  • تعزيز دور سوريا كممر تجاري حيوي بين الشرق والغرب.
  • دعم البنية التحتية للتصدير، خاصة للمنتجات السورية.
  • تخفيض التكاليف على الصناعيين والتجار عبر تقليل زمن التخليص وغيره.

خطوة استراتيجية لتطوير البنى التحتية

الأوساط الاقتصادية في سوريا، رحبت بإنشاء المواني الجافة، نظرًا لموقع سوريا الاستراتيجي، وكونها جسر عبور بين الشرق والغرب، بالتالي تعزز تلك المواني من مكانتها كمركز لوجستي إقليمي، وتسهم في تسهيل حركة البضائع، من وإلى الدول المجاورة، خاصة في ظل التحديات التي واجهتها المواني البحرية التقليدية.

الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي عبد الرحمن محمد، قال لعنب بلدي، إن المواني الجافة خطوة استراتيجية نحو تطوير البنية التحتية اللوجستية في سوريا، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التكامل مع المواني البحرية.

وتوقع أن تُحدث هذه المشاريع نقلة نوعية في قطاع النقل والتجارة، مما يعزز من قدرة سوريا على استعادة دورها كمركز إقليمي للتجارة والنقل.

والهدف من إقامة المواني الجافة، وفقًا لتوصيف الدكتور محمد:

  • تخفيف الضغط على المواني البحرية، من خلال تقليل التكدس.
  • تسريع عمليات التخليص الجمركي والنقل
  • تقليل تكاليف النقل والتخزين
  • دعم التجارة الإقليمية والدولية، عبر تحسين كفاءة سلاسل الإمداد.
  • تعزيز البيئة الاستثمارية من خلال تقديم خدمات لوجستية.

ليست جديدة كليًا

الدكتور عبد الرحمن محمد أشار إلى أن المواني الجافة ليست فكرة جديدة تمامًا في سوريا، إذ سبق أن أُعلن عن خطط لإنشاء موانٍ جافة في مناطق، مثل دير الزور والبوكمال منذ عام 2018.

ومع ذلك، برأيه، فإن التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع ظل محدودًا، بسبب التحديات الاقتصادية والسياسية. بينما تعد الاتفاقيات الأخيرة خطوة جديدة نحو تفعيل هذه المشاريع بشكل عملي، مما يجعلها تجربة حديثة نسبيًا في السياق السوري.

انعكاس على الاقتصاد

ويرتقب من هذه المواني أن تصب بمصلحة عجلة الإنتاج الاقتصادي، وأن تكون إحدى أهم ركائزه الأساسية.

ويرى الدكتور عبد الرحمن محمد أن كيفية خدمة هذه المواني للاقتصاد السوري، تتمثل بـ:

  • خفض وتقليل تكاليف النقل والتخزين، من خلال تحسين كفاءة العمليات اللوجستية، مما يعزز تنافسية المنتجات السورية في الأسواق العالمية.
  • جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، من خلال توفير بنية تحتية حديثة.
  • توفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.
  • تسريع حركة البضائع، وزيادة حجم التجارة الإقليمية والدولية.

أما الآثار فتتجلى، وفق الدكتور محمد، في تحسين تدفق البضائع وتقليل زمن الانتظار في المواني البحرية، وخفض تكاليف التخزين، على المدى القريب. أما على المدى المتوسط، فتعمل على تعزيز مكانة سوريا كممر تجاري إقليمي، وزيادة الإيرادات من خلال رسوم الخدمات اللوجستية.

مشاركة المقال: