الإثنين, 9 يونيو 2025 02:07 AM

آمال درعا تتجدد: مطالب بإعادة فتح معبر الرمثا لإنعاش الاقتصاد وتخفيف الضغط عن معبر نصيب

آمال درعا تتجدد: مطالب بإعادة فتح معبر الرمثا لإنعاش الاقتصاد وتخفيف الضغط عن معبر نصيب

عنب بلدي – وسيم العدوي

أثارت الأنباء المتواترة عن قرب إعادة افتتاح معبر درعا- الرمثا الحدودي مع الأردن تساؤلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان هذا الافتتاح سيبصر النور قريبًا أم لا. المعبر كان باكورة المعابر الحدودية التي سيطرت عليها قوى الثورة السورية في الجنوب، في أيلول 2013، واستهدفه النظام السابق عدة مرات حتى خرج عن الخدمة وصار غير آمن، ثم أعلن الأردن لاحقًا إغلاقه من جانب الرمثا.

ويعد المعبر الواقع على الحدود السورية- الأردنية التي تقدّر بنحو 375 كيلومترًا من أقدم المعابر في سوريا، ويوصف بأنه شريان النقل والتجارة الحيوي بين البلدين، إذ يربطهما بدول الخليج العربي من جهة الأردن، وأوروبا من جهة سوريا. ويطل المعبر بشكل رئيس على مدينة درعا، وجرى الاستعاضة عنه في السنوات الماضية بمعبر نصيب- جابر الأبعد عن المدينة.

في إطار خطة

لمعرفة مدى صحة ما يشاع عن معبر درعا الحدودي، توجهت عنب بلدي بالسؤال إلى "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية"، فعلقت بأن الأقاويل ازدادت مؤخرًا بشأن المعبر، ولا سيما عقب زيارة وفد من غرف التجارة والصناعة الأردنية للهيئة قبل نحو أسبوع، وعقده لقاء مع رئيس "الهيئة" بحث فيه الجانبان سبل تعزيز التبادل التجاري.

وأشارت "الهيئة" إلى أنه كان هناك تساؤل من قبل بعض أعضاء الوفد على هامش الزيارة حول مدى توفر الإمكانيات لدى الجانب السوري لإعادة افتتاح المعبر، وجاء رد "الهيئة" بأن "إعادة تأهيل المعابر الحدودية، ومنها معبر درعا- الرمثا، يندرج ضمن خطة عملها"، علمًا أن الجهود كانت منصبة على إعادة تأهيل معبر "العريضة" الحدودي مع لبنان، الذي افتتح مطلع حزيران الحالي.

وأفادت "الهيئة" أنها "لن تدخر جهدًا لإعادة تأهيل معبر الرمثا والبنى التحتية فيه، وفقًا للأولويات والإمكانيات المتاحة والجدول الزمني المدرج من قبلها". وتواصل "الهيئة" عملها لإعادة تأهيل المعابر الحدودية المتضررة، بحسب ما أفادت عنب بلدي، وهذا ما أكده اجتماع رئيس "الهيئة"، قتيبة بدوي، مع مديري المعابر الحدودية والمرافئ البحرية والمناطق الحرة، في نيسان الماضي، حين جرى الاطلاع على الجهود المبذولة من قبلهم لتأهيل البنى التحتية وتسهيل حركة التجارة والعبور من هذه المعابر.

ما أهمية المعبر

رئيس غرفة تجارة درعا، قاسم المسالمة، قال لعنب بلدي، إن أهالي درعا يأملون بافتتاح معبر "الرمثا" الحدودي، في ظل المزايا الاقتصادية والتجارية الكبيرة المأمولة، مثل تخفيف الضغط والازدحام عن معبر "نصيب" الحدودي، وزيادة تدفق السيارات السياحية السورية والأردنية المحملة بالركاب، القادمة والمغادرة، واختصار المسافة التي يجب قطعها للوصول من نصيب إلى مدينة درعا، وفتح الباب أمام انسيابية عبور السيارات الشاحنة الكبيرة بشكل أسهل من معبر "نصيب".

المسالمة أكد ضرورة فتح المعبر لرفع عبء كبير عن كاهل معبر "نصيب"، يتمثل أيضًا بالبضائع المسماة "صحبة المسافر" أو "البحارة"، وهي عبارة هدايا أو مواد غذائية لا تحتاج إلى بيانات جمركية وشهادات منشأ أو تصدير، وتسهم في تحريك الاقتصاد البيني خاصة في المواسم الزراعية ومناسبات الأعياد بين الطرفين السوري والأردني في كلا الاتجاهين، فحركة تنقل هذه البضائع تصبح أسهل بين درعا المدينة والأردن.

كما يؤثر افتتاح المعبر في ازدياد النشاط العمراني وإعادة إعمار البنى التحتية التي دمرتها آلة الحرب الوحشية للنظام السابق في درعا، بحسب المسالمة، وانخفاض أجور النقل بين البلدين.

يبعد المعبر عن مدينة درعا خمسة كيلومترات تقريبًا، ما يعني الاستفادة من حركة النقل بين درعا والرمثا بشكل مباشر، بينما تبعد المدينة عن معبر نصيب حوالي 20 كيلومترًا. وكان المعبر يستخدم بشكل رئيس للحركة التجارية والنشاط المحلي لأهالي درعا والرمثا، بينما يعتبر معبر "نصيب" محطة لحركة الركاب المسافرين إلى عمان.

"بنك للأعمال"

ياسين أكراد ناشط من درعا البلد أكد أن افتتاح معبر درعا القديم (الرمثا) له أهمية كبيرة لسكان المدينة، لأنه يُعيد الحياة إلى طبيعتها "التي افتقدناها لسنوات طويلة، فالمعبر لا يمثل مجرد نقطة عبور، بل هو شريان اقتصادي واجتماعي مهم يربط المدينة بباقي المناطق".

ومن الناحية التجارية، يرى أكراد أن إعادة فتح المعبر تسهم في تسهيل حركة البضائع بين درعا وبقية المحافظات، وتخفيض التكاليف والوقت، وهذا بدوره سينعكس إيجابًا على أسعار السلع داخل المدينة، حيث يعاني كثير من التجار وأصحاب المحال من صعوبة إيصال بضائعهم أو استيرادها من مناطق أخرى، لكن مع وجود معبر فعّال، يمكن أن تتحسن الحركة التجارية بشكل واضح.

أما اقتصاديًا، فالمعبر يخلق فرص عمل جديدة، سواء من خلال التجارة أو النقل أو الخدمات المرتبطة به، مثل التحميل والشحن، وحتى المهن المرتبطة ببيع الجملة والتجزئة، وهذا يعني حركة اقتصادية أكثر ازدهارًا تسهم في المعاناة المعيشية للمواطنين، بحسب ما أفاد أكراد.

"جمرك درعا البلد" (وهو الاسم الذي يطلقه أهالي درعا على معبر درعا- الرمثا) بالنسبة للسكان هو العصب الاقتصادي الوحيد الذي يمكن أن يعود حاليًا بفوائد كبيرة على محافظة درعا في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، وفقًا لما قاله وسيم السلاخ أحد سكان درعا البلد، لعنب بلدي.

تعاني درعا هذا العام من الجفاف وغلاء المستلزمات الزراعية، الأمر الذي أدى إلى أن اعتمادية الناس على الزراعة تكاد تكون شبه معدومة، بحسب ما قاله وسيم، أما بالنسبة للصناعة فإن عدم توفر الكهرباء أدى إلى انخفاض الدخل الصناعي للفرد.

وقال وسيم، إن الناس ينظرون إلى حالة "جمرك درعا" على أنها بنك لفرص الأعمال في حال افتتاحه، حيث يعمل السائق والعامل و"البحّارة" (أشخاص ينقلون البضائع عبر الجانبين) وينشط السوق المحلية، وكل هذا له مردود سريع على مستوى الفرد والمجتمع والمنطقة ككل. "جمرك درعا"، باعتقاد السكان في مركز المحافظة الجنوبية، سيحيي الحركة التجارية الطبيعية التي كانت ممتدة لسنوات طويلة سابقًا بعد سنوات الحرب العجاف، وافتتاحه يشجع على إقامة العديد من الاستثمارات في المنطقة.

مخاوف

لا تحتاج إعادة ترميم وتأهيل المبنى الجمركي والطريق الواصل بين درعا البلد والرمثا إلى مبالغ طائلة، بحسب تقدير رئيس غرفة تجارة درعا، قاسم المسالمة، إلا أن ذلك رهن بوجود قرار من قبل الحكومتين السورية والأردنية، مشيرًا إلى الكثير من الأحاديث بين التجار السوريين والأردنيين حول المعبر، والراجح أن إثارة الموضوع في كل مرة لا يعدو عن كونه مجرد أمنيات، وأنه ليس هناك أي توجه لاتخاذ قرار بافتتاح المعبر قريبًا.

وفي الوقت ذاته، لفت المسالمة إلى المخاوف المشتركة بين الجانبين السوري والأردني بالنسبة للقضايا المتعلقة بالمخدرات، ولذلك ربما هناك رغبة من الجانبين الأردني والسوري للإبقاء على معبر "نصيب" وحده لضبط الحدود بشكل أكبر، مؤكدًا ضرورة التقليل من هذه المخاوف خاصة مع زوال النظام السابق الذي كان الراعي الأساسي لصناعة المخدرات وترويجها.

وبينما يطالب سكان درعا البلد بإعادة افتتاح معبر "الرمثا"، تنصب الجهود السورية والأردنية على توسيع وتأهيل معبر نصيب- جابر، الذي أعيد تشغيله على مدار 24 ساعة في آذار 2025. وفي أيار الماضي، أعلنت السلطات السورية أن المعبر جاهز لاستقبال 12 ألف مركبة يوميًا، وسط مشروع لتطوير البوابات وصالات الاستقبال، بهدف تسريع عمليات الفحص والجمارك وتقليل وقت الانتظار للركاب والشاحنات.

مشاركة المقال: