بعد أشهر من السماح باستيراد السيارات المستعملة إلى سوريا، شهد السوق المحلي تدفقاً هائلاً من المركبات، مما حوّله إلى ما يشبه "مكباً" للسيارات المستعملة، وسط غياب التنظيم والمعايير الرقابية.
هذا الانفلات في الاستيراد، وما صاحبه من ارتفاع غير مبرر في الأسعار، لم يستمر طويلاً. ومع فتح باب استيراد السيارات الجديدة، بدأت الأسعار تنخفض تدريجياً. واليوم، تعود وزارة الاقتصاد والصناعة لتصدر قراراً جديداً بوقف استيراد السيارات المستعملة، في محاولة لضبط السوق.
أصدرت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا القرار رقم 676 الذي يقضي بوقف استيراد السيارات المستعملة، مع استثناءات للآليات الزراعية وبعض وسائل النقل الكبيرة.
الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس النهضة السوري، عامر ديب، يرى أن هذا القرار خطوة تنظيمية طال انتظارها بعد الفوضى التي عمت قطاع السيارات، خاصة مع ازدياد الاستيراد العشوائي والطلب غير المدروس على السيارات المستعملة.
أثر مباشر على السوق والأسعار:
يرى ديب أن القرار قد يؤدي إلى انخفاض أسعار السيارات المستعملة المتوفرة حالياً، إذ لن يتمكن التجار من رفع الأسعار بحجة وقف الاستيراد. وبذلك، يصبح من مصلحة المواطن التوجه نحو السيارات الجديدة، ما يعزز جودة المركبات في الشوارع السورية على المدى الطويل.
فوضى السوق تفرض قراراً تنظيمياً:
وفقاً للخبير الاقتصادي عامر ديب، فإن أحد الدوافع غير المعلنة لهذا القرار هو السلوك الشعبي الفوضوي في شراء واستيراد السيارات، ما انعكس سلباً على البيئة الاقتصادية والمرورية. ويرى أن الوزارة حاولت كبح هذا الانفلات، لكن القرار يفتقر إلى المهنية والتفصيل اللازمين لفهم آلية التنفيذ والاستثناءات.
النتيجة والمطلوب:
يرى الخبير الاقتصادي عامر ديب أن القرار بصيغته الحالية يحمل مظاهر ارتجال إداري أكثر من كونه خطة ممنهجة. ويقترح إصدار قرار مدروس يحتوي على شرح تفصيلي للآلية، ومدة الإيقاف، وخارطة طريق واضحة لاستيراد المستعمل لاحقاً، بدلاً من تعميم فضفاض يفتح أبواب الاجتهاد والتأويل.
ويختم ديب حديثه بالتأكيد على أننا أمام بداية ممكنة للتنظيم، لكنها بحاجة إلى مزيد من المهنية والشفافية والحوكمة.
تفاصيل القرار الرسمي:
يذكر أن وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا أصدرت قراراً يقضي بوقف استيراد السيارات المستعملة بدءاً من الأحد 29 حزيران، واستثنى القرار: الرؤوس القاطرة، والشاحنات، وآليات الأشغال العامة، والجرارات الزراعية (على ألا تتجاوز سنة صنعها 10 سنوات)، وحافلات نقل الركاب التي يبلغ عدد مقاعدها 32 مقعداً فما فوق (على ألا تتجاوز سنة صنعها أربع سنوات).
كما سمح القرار باستيراد السيارات الجديدة وغير المستعملة، على ألا تزيد سنة الصنع على سنتين.
السيارات المستوردة تثير الجدل:
وصلت أول باخرة محمّلة بالسيارات إلى مرفأ طرطوس في 28 نيسان، تبعتها باخرة ثانية في 18 أيار تقل 1800 سيارة، ثم ثالثة في 21 أيار محمّلة بـ1250 سيارة سياحية، ووصلت آخر باخرة بتاريخ 31 أيار 2025 محمّلة بـ824 سيارة قادمة من كوريا الجنوبية. وأثارت السيارات المستوردة في سوريا جدلاً حول جودتها وتأثيرها على السوق. وأكد وزير النقل يعرب بدر أن الوزارة بصدد اتخاذ إجراءات تهدف إلى إعادة تنظيم استيراد السيارات إلى سوريا. وأكد أصحاب الورش الصناعية في دمشق، في أحياء الفحامة وحوش بلاس والقابون، أن أغلبية أعمالهم خلال الأشهر الماضية تركزت على أعطال السيارات المستوردة.