الثلاثاء, 1 يوليو 2025 11:55 PM

تحول تاريخي: واشنطن ترفع العقوبات عن سوريا في خطوة مفاجئة

تحول تاريخي: واشنطن ترفع العقوبات عن سوريا في خطوة مفاجئة

في خطوة مفاجئة هزت الأوساط الدولية، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مساء الإثنين أمرًا تنفيذيًا ينهي العمل بالإطار القانوني للعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، في قرار يمثل تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية تجاه دمشق. يأتي هذا القرار بعد سنوات من العقوبات التي استهدفت النظام السوري السابق بسبب انتهاكات حقوق الإنسان ودعمه للإرهاب، ويهدف إلى دعم جهود إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في سوريا.

تفاصيل القرار التنفيذي:

الأمر التنفيذي، الذي يبدأ تنفيذه اعتبارًا من اليوم الثلاثاء 1 تموز/يوليو 2025، يلغي إعلان حالة الطوارئ الوطنية بشأن سوريا الصادر عام 2004، بالإضافة إلى خمسة أوامر تنفيذية أخرى كانت تشكل الأساس القانوني للعقوبات. كما يوجه القرار الوكالات الفيدرالية الأمريكية لمراجعة الإعفاءات وضوابط التصدير والقيود الأخرى المتعلقة بسوريا، مما يمهد الطريق لتسهيل التبادل التجاري والمساعدات الإنسانية. وأكد بيان صادر عن البيت الأبيض أن الرئيس ترمب ملتزم بدعم سوريا مستقرة وموحدة، تعيش في سلام مع نفسها وجيرانها، مع الحفاظ على المصالح الأمريكية الأساسية. وأضاف البيان أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى إعادة الانخراط مع دمشق بشكل بناء، مع التركيز على أولويات تشمل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومكافحة الإرهاب، ومنع عودة تنظيم داعش.

ثمار جهود الدبلوماسية السورية:

أوضح قتيبة إدلبي، مسؤول ملف الأمريكتين في وزارة الخارجية السورية، أن القرار جاء نتيجة للجهود التي بذلتها الدبلوماسية السورية خلال الأشهر الستة الماضية، والتي قدمت وجهًا جديدًا لسوريا أمام العالم، مما دفع الولايات المتحدة إلى التعامل بجدية مع الملف السوري والحكومة السورية. وأضاف إدلبي أن الإجراء المتخذ سيفتح الباب أمام إغلاق ملف العقوبات الأمريكية، إذ لم يقتصر الأمر على رفع برامج العقوبات التي صدرت بموجب أوامر تنفيذية فقط، بل طُلب من وزارات الخزانة والاقتصاد والخارجية الأمريكية مراجعة وبدء العمل على التصنيفات وبرامج العقوبات المتبقية، بما في ذلك قانون قيصر، وتصنيف سوريا كدولة داعمة للإرهاب، بالإضافة إلى تصنيف هيئة تحرير الشام والرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية ضمن قوائم الإرهاب.

حدود القرار:

على الرغم من إلغاء معظم برامج العقوبات، فإن العقوبات المفروضة على الرئيس السوري السابق بشار الأسد وعدد من المقربين منه، بالإضافة إلى المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان أو أنشطة إرهابية أو تهريب الكبتاغون، ستظل سارية. كما لم يشمل القرار تغيير تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف يعود إلى عام 1979. وأشار مسؤول أمريكي إلى أن هذا التصنيف ما زال قيد المراجعة.

ترحيب سوري رسمي:

في دمشق، رحب وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بالقرار الأمريكي، واصفًا إياه بأنه قرار تاريخي من شأنه أن يفتح صفحة جديدة في علاقات سوريا الدولية. وقال الشيباني إن إلغاء الجزء الأكبر من برنامج العقوبات يمثل نقطة تحول مهمة من شأنها أن تسهم في دفع سوريا نحو مرحلة جديدة من الازدهار والاستقرار والانفتاح على المجتمع الدولي.

تأثيرات اقتصادية محتملة:

يرى أيمن عبد النور، رئيس جمعية سوريون مسيحيون من أجل السلام، أن أبعاد هذا القرار وتأثيراته كبيرة جدًا على الاقتصاد السوري، فهو يفتح المجال لاستيراد معظم البضائع الأمريكية التي كانت ممنوعة من قبل، بل وحتى تلك التي كانت مسموحة لكنها كانت تواجه تعقيدات بيروقراطية كبيرة في وزارة الخزانة وغيرها من الجهات. وأضاف عبد النور أن الأمر الأكثر أهمية هو أنه يفتح الباب أمام الشركات الأمريكية للاستثمار في جميع القطاعات في سوريا، بما يشمل نقل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، والتعاقد مع موظفين سوريين، وتحويل الأموال بسهولة أكبر. وأكد أن تعديل القوانين والتشريعات السائدة في سوريا لخلق بيئة استثمارية جاذبة يتطلب وجود قوانين جديدة، بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات وكفاءات موجودة فعليًا في مواقع صنع القرار الاقتصادي والمالي والمصرفي.

خلفية القرار:

يأتي القرار تتويجًا لإشارات أطلقها ترمب في 13 أيار/مايو الماضي، حين أعلن عزمه رفع العقوبات عقب لقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع. وأشارت مصادر في الإدارة الأمريكية إلى أن الحكومة السورية أحرزت تقدمًا ملموسًا في تعزيز الاستقرار الداخلي، إلى جانب وجود مصالح مشتركة بين واشنطن ودمشق في مواجهة تنظيم داعش والتهديدات الإرهابية الأخرى. كما يشمل القرار توجيهًا لوزارة الخارجية الأمريكية بإعادة النظر في تصنيف هيئة تحرير الشام.

آفاق مستقبلية:

من المتوقع أن يسهم القرار في تعزيز التفاعل التجاري الدولي مع سوريا، خاصة من قبل الشركات والأفراد الأمريكيين. ووفقًا لكلام إدلبي، فإن القرار سيفتح آفاقًا جديدة أمام التفاعل التجاري الدولي مع سوريا. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بتعديلات تشريعية داخلية في سوريا لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وفق ما أكده أيمن عبد النور.

مشاركة المقال: