في السابع والعشرين من حزيران عام 2012، وفي ظل دستور عام 2012، تم استحداث لجان دائمة جديدة في مجلس الشعب، من بينها لجنة باسم "لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان". يذكر د. جورج جبور أن اللافت في اسم اللجنة هو أن تعبير "حقوق الإنسان" لم يرد في أي مادة من مواد الدستور، بل ورد في مقدمته بعد كلمات عديدة تشير إلى ما يعرف بثقافة الانفتاح أو الثقافة الليبرالية. وتجدر الإشارة إلى أن تعبير "حقوق الإنسان" لم يرد في أي من الدساتير السورية العديدة التي أُقرت بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948.
من المفيد أيضاً أن نعلم أن سوريا لم تشهد في تاريخها، منذ تسمية يوم 10 كانون الأول من كل عام "اليوم العالمي لحقوق الإنسان"، فعاليات جادة لإحياء ذكرى ذلك اليوم. مع التقدير لجهود الجمعية السورية لحقوق الإنسان التي أُشهرت في عهد الانفصال، إلا أن عمرها كان قصيراً جداً. ولعل أكثر هيئة سورية اهتمت باليوم كانت الرابطة السورية للأمم المتحدة التي أُشهرت في أيار 2005. أقامت الرابطة في اليوم العالمي عام 2005 فعالية كبرى في مكتبة الأسد آنذاك، المكتبة الوطنية اليوم، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة. لكن الرابطة فشلت في إقامة فعالية مماثلة في اليوم العالمي عام 2006، وألغت وزارة الشؤون فعالية لها كانت قد برمجت بالتعاون مع مركز كفرسوسة الثقافي، وذلك بأمر من الوزارة مع تهديد بإلغاء قرار الإشهار.
تبقى في الذهن ثلاث ذكريات يجدر إثباتها، وبها ينتهي المقال:
- في 28 شباط 2005، أقر أعضاء مجلس الشعب البعثيون اقتراحاً بإحداث لجنة تدعى "لجنة الحريات والحقوق والواجبات العامة". صعد القرار إلى القيادة القطرية ولم ير النور. بعد ثلاثة أشهر من قرار أعضاء المجلس البعثيين، صدر قرار إشهار الرابطة السورية للأمم المتحدة. هل اعتبر الحاكم آنذاك أن الثانية تغني عن الأولى؟
- دعا وزير الداخلية لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان إلى اجتماع معه في الوزارة، كما ورد في الصحف. دُعيت أنا ووفد الرابطة السورية للأمم المتحدة إلى حوار مع رئيس الوزراء وعدد من الوزراء حين كان يقال إنه يتم الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني (غير اللقاء التشاوري 2011). في جلسة الحوار بين الرابطة والوزارة، عبرت عن الاستياء من عادة دعوة الوزراء لجان المجلس إلى اللقاء بهم في وزاراتهم، ووافقني رئيس الوزراء يومها د. وائل الحلقي، وصرحت بذلك إلى وسائل الإعلام إثر انتهاء الجلسة. هل توقفت بعد تصريحي اللقاءات بين لجنة الحريات وبين وزير الداخلية؟
- أختم الذكريات بواحدة مريرة. عملت منذ خريف 1960 معاون نيابة عامة في اللاذقية. في نظام وزارة العدل آنذاك، كان الأدنى رتبة من قضاة النيابة العامة يتولى الإشراف على السجون. رغبت في ممارسة ذلك الواجب، وأيدني بل أجج حماستي للقيام بالمهمة د. ماجد الدباس، رئيس النيابة العامة. توجهت النيابة العامة بطلب زيارة السجن إلى محافظ اللاذقية، لكنه لم يسمح. انتهت القصة.
الكاتب: مؤلف كتاب "نحو لجنة في مجلس الشعب للحريات والحقوق وواجبات العامة"، عضو مجلس الشعب السوري – الدور التشريعي الثامن 2003–2007.
دمشق، صباح الجمعة 27 حزيران 2025 (موقع أخبار سوريا الوطن-١)