الجمعة, 27 يونيو 2025 08:58 AM

تقرير صادم: الشبكة السورية لحقوق الإنسان تكشف عن وفاة آلاف المختفين قسراً في سجون الأسد

تقرير صادم: الشبكة السورية لحقوق الإنسان تكشف عن وفاة آلاف المختفين قسراً في سجون الأسد

أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، مسلطة الضوء على جرائم التعذيب المنهجية التي تعرض لها السوريون منذ آذار/مارس 2011.

يأتي تقرير عام 2025 بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وكشف معلومات جديدة من خلال وثائق وسجلات رسمية، إضافة إلى التواصل مع آلاف الأهالي، مما أثبت وفاة أعداد كبيرة من المختفين قسراً داخل مراكز الاحتجاز التابعة للنظام. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في حصيلة الضحايا الذين قضوا تحت التعذيب أو في ظروف احتجاز غير إنسانية، وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان.

على مدى أربعة عشر عاماً، وثقت الشَّبكة ممارسات التعذيب والانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة لنظام بشار الأسد، وبنت قاعدة بيانات ضخمة تستند إلى شهادات آلاف الناجين وأقارب الضحايا، مدعومة بالأدلة البصرية والمستندات، لتشكل مرجعاً رئيسياً في التحقيقات الأممية والدولية.

أشار التقرير إلى أن عام 2025 شهد ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الضحايا الموثقين بسبب التعذيب في سوريا، ويعزى ذلك إلى توفر آلاف البيانات من شهادات ووثائق وأدلة كشفت عن وفاة عشرات الآلاف من المختفين قسراً في فترات سابقة. وقد تم تأكيد وفاتهم من خلال وثائق رسمية، وبيانات صادرة عن دوائر السجل المدني، وتقارير من مراكز الاحتجاز، وشهادات ناجين، عقب انهيار المنظومة الأمنية.

وفقاً لتوثيق الشَّبكة، تم في عام 2025 تسجيل مقتل ما لا يقل عن 29,959 شخصاً نتيجة التعذيب، ما رفع الحصيلة الإجمالية للضحايا منذ آذار/مارس 2011 وحتى حزيران/يونيو 2025 إلى 45,342 شخصاً، بينهم 225 طفلاً و116 سيدة. وتعود معظم هذه الوفيات إلى الفترة بين عامي 2011 و2014، التي مثلت ذروة حملات الاعتقال والإخفاء القسري.

تُظهر بيانات الشَّبكة أيضاً أن ما لا يقل عن 181,244 شخصاً، من بينهم 5,332 طفلاً و9,201 سيدة، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز احتجاز تتبع لجهات مختلفة داخل سوريا منذ آذار/مارس 2011 وحتى حزيران/يونيو 2025. ومن بين هؤلاء، يُصنّف ما لا يقل عن 177,021 شخصاً، منهم 4,536 طفلاً و8,984 سيدة، كمختفين قسراً.

تؤكد الإحصاءات أن الغالبية العظمى من المعتقلين كانوا على خلفية مشاركتهم في الحراك الشعبي، واحتُجزوا تعسفياً دون أي إجراءات قانونية أو قضائية نزيهة. وكشفت البيانات أن أكثر من 99% من حالات الوفاة تحت التعذيب (45,032 من أصل 45,342 حالة) وقعت داخل مراكز احتجاز تابعة للنظام السابق، الذي استخدم التعذيب كأداة قمع ممنهجة ضمن سياسة رسمية شملت الأجهزة الأمنية الأربعة الرئيسة: المخابرات الجوية، الأمن العسكري، أمن الدولة، والأمن السياسي، إضافة إلى السجون المدنية والعسكرية، ومراكز الاحتجاز غير الرسمية.

وثّقت الشَّبكة استخدام ما لا يقل عن 72 أسلوباً من أساليب التعذيب، تراوحت بين الضرب، الصعق الكهربائي، الإيهام بالغرق، الشبح، العزل الانفرادي، والحرمان من الطعام والرعاية الصحية، إلى جانب العنف الجنسي. وطالت هذه الأساليب جميع الفئات، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة.

وفق تحليل التقرير لتوزع ضحايا التعذيب على المحافظات السورية، تصدرت محافظات درعا، ريف دمشق، حماة، وحمص القائمة. كما أشار التقرير إلى أن الانتماء المناطقي كان في كثير من الأحيان عاملاً مؤثراً في ممارسة التعذيب، حيث عمد عناصر النظام إلى تعذيب الضحايا على خلفية انتمائهم لمناطق معارضة، في إطار عمليات انتقام جماعي.

من خلال الصور المسربة من المشافي العسكرية، المعروفة بـ “صور قيصر”، تمكنت الشَّبكة من تحديد هوية 1,017 ضحية، غالبيتهم ممن اعتُقلوا خلال عامي 2012 و2013. وقد أظهرت البيانات أن أكبر عدد من الضحايا وُثِّق في الفرع 227 (فرع المنطقة)، الذي سجل 382 ضحية، يليه الفرع 215 (سرية المداهمة والاقتحام) بـ 300 ضحية، وهما من أبرز مراكز التعذيب القاتل في عهد نظام الأسد.

أكد التقرير أن سقوط نظام بشار الأسد وبداية المرحلة الانتقالية يحملان السلطات الجديدة، إلى جانب المجتمع السوري بأكمله، مسؤولية تاريخية لتفكيك هذا الإرث الثقيل والتعامل معه بجدية ومؤسسية. ويتطلب ذلك اعتماد خطة شاملة لمعالجة ملف التعذيب.

* الشبكة السورية لحقوق الإنسان

مشاركة المقال: