الأربعاء, 25 يونيو 2025 10:50 PM

ترامب يفاجئ العالم بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد ضربة استباقية

ترامب يفاجئ العالم بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد ضربة استباقية

في غضون 48 ساعة، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً بقصف منشآت نووية إيرانية، وأعلن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لكن هذا النجاح الدبلوماسي لم ينهِ حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط.

بعد 12 يوماً من الحرب التي بدأتها إسرائيل على إيران، والتي تخللتها ضربات أميركية على ثلاث منشآت نووية رئيسية، اعتبر كل من ترامب وإسرائيل وإيران إعلان وقف إطلاق النار بمثابة "انتصار" له.

تمكن ترامب من إيجاد مخرج سريع بعد الانتقادات التي وجهت إليه، حتى من قبل مؤيديه، بسبب نكثه بأحد وعوده الانتخابية بعدم التدخل عسكرياً في الخارج، وذلك بإعلانه وقف إطلاق النار ليل الاثنين الثلاثاء، وتقديم نفسه كصانع للسلام، على الرغم من الضربة التي وجهها لإيران.

خلال أيام الحرب، شنت إسرائيل غارات جوية على إيران استهدفت مواقع عسكرية ونووية، وردت طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات نحو إسرائيل.

وقال تود ويلمان، الباحث في برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "لا أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية كانت قادرة على تحمل حرب طويلة الأمد، لكن العنصر الأساسي كان ترامب. لم يرغب في رؤية حرب جديدة تندلع" في عهده. وأضاف: "هذا ما بدل الحسابات بالنسبة إلى إسرائيل، وإيران كذلك".

فاجأ ترامب الحلفاء وحتى مساعديه بإعلانه وقف إطلاق النار عبر منصات التواصل الاجتماعي ليل الاثنين الثلاثاء، بعد ساعات من هجوم صاروخي إيراني على قاعدة العديد الأميركية في قطر، رداً على ضربات واشنطن على منشآتها النووية. وبدا أن الهجوم الإيراني كان مدروساً بعناية ومنسقاً بين المعنيين. وشكر ترامب طهران على توفيرها "إشعاراً مبكراً" قبل تنفيذه.

كان واضحاً أن كل طرف من الأطراف الثلاثة المعنية بالحرب يحتاج إلى مخرج.

اعتبر ترامب الهجوم الإيراني "ضعيفاً للغاية"، واختار عدم الرد. وبعدما أعلنت إسرائيل أن إيران أطلقت صواريخ بعد سريان وقف النار وأنها سترد عليها "بقوة"، ضغط الرئيس الأميركي على إسرائيل لعدم القيام بذلك.

بدورها، كانت إيران تخوض أقسى مواجهة عسكرية منذ الحرب مع العراق (1980-1988). فقد خسرت خلال أيام معدودة قادة عسكريين كباراً وعلماء نوويين، وتلقت العديد من مواقعها النووية والعسكرية ودفاعاتها الجوية، إضافة إلى منشآت مدنية وسكنية، ضربات جوية لم تتضح إلى الآن تداعياتها والمدى الزمني الذي تحتاجه لإعادة بنائها.

وبدا أن ترامب أعطى طهران التي يفرض عليها عقوبات اقتصادية، جرعة حوافز من خلال التأكيد الثلاثاء أنه يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني.

أما إسرائيل، ورغم الضربات القاسية التي وجهتها إلى خصومها في المنطقة منذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإنها تواجه ضغوطاً على جبهات عدة، وتلقت جبهتها الداخلية خلال الأيام الماضية ضربات صاروخية لم تعهدها منذ عقود.

وفي حين شكر نتانياهو ترامب على دعمه، رأى تودمان أن الضغط الأميركي الثلاثاء على إسرائيل لعدم شن ضربات جديدة على إيران، أظهر لرئيس الوزراء الإسرائيلي حدود الدعم الأميركي للحليف الأبرز للولايات المتحدة في المنطقة.

رأى ترامب في الضربة الأميركية نجاحاً كبيراً، رغم أن كثيرين حذروا مراراً من أن أي ضربة مماثلة قد تدفع طهران إلى تسريع نشاطاتها النووية وصولاً ربما إلى محاولة تطوير سلاح ذري.

وفي حين يكرر ترامب التأكيد أن الضربة أدت إلى "تدمير" البرنامج النووي، أثارت خلاصة تقرير استخباري أميركي أولي شكوكاً بهذا الشأن، إذ أفاد بأن الضربات أعادت البرنامج أشهراً فقط إلى الوراء ولم تدمره.

ورأى الباحث في معهد الشرق الأوسط براين كاتوليس أنه ما زال من المبكر الحكم على ثبات وقف إطلاق النار أيضاً.

وأشار إلى أن الدول العربية في الخليج، خصوصاً قطر، بذلت جهوداً دبلوماسية كبيرة بعيداً من الأضواء، سعياً لإعادة الهدوء إلى المنطقة.

وقال كاتوليس إن ترامب استخدم تصريحاته ونفوذه في العلن "لمحاولة ضبط ما تقوم به إيران وإسرائيل، لكن أهمية ذلك هي أقل مقارنة بالدور الذي تقوم به هذه الدول (العربية في الخليج) بشكل متواصل".

ورأى كاتوليس الذي عمل سابقاً على ملف الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون، أن إدارة ترامب الجمهورية اعتمدت مزيجاً من العمليات العسكرية التكتيكية و"جرعة كبيرة من التواصل الاستراتيجي"، أثار حيرة الأميركيين والعالم على السواء "بشأن ما نحاول أن نقوم به فعلاً".

الأكيد أن استراتيجية ترامب عادت عليه بفوائد جلية في الداخل الأميركي، أقله على المدى القصير.

ورأى الباحث في المجلس الأطلسي (أتلانتيك كاونسل) جوناثان بانيكوف إن حملة عسكرية أميركية طويلة "كانت قادرة على أن تزعزع قاعدة الدعم لترامب"، لكن الآن سيبقى غالبية مناصريه "موحدين نسبياً".

وفي حين أن المتشددين تقليدياً في الحزب الجمهوري رحبوا بالضربات الأميركية على إيران، انتقدها خصومهم الديموقراطيون على نطاق واسع، لكن من دون إجماع على ذلك أيضاً.

ورأت أنيل شيلين التي تركت إدارة الرئيس السابق جو بايدن احتجاجاً على سياساته، وهي حالياً باحثة في معهد كوينسي للحكم الرشيد، أن ثبات وقف إطلاق النار ضروري من وجهة نظر ترامب.

ولفتت إلى أن نتانياهو مقتنع بأنه يحظى "بدعم أميركي غير مشروط"، وبناء عليه قامت إسرائيل باستهداف قطاع غزة ولبنان رغم اتفاقات معلنة لوقف إطلاق النار مع حماس وحزب الله.

أضافت "لكن ترامب أظهر أنه قادر على ضبط إسرائيل متى اختار القيام بذلك. الآن عليه القيام بالأمر ذاته والإصرار على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".

مشاركة المقال: