الإثنين, 23 يونيو 2025 05:31 AM

حلب: مطالب ملحة بالكهرباء ومقترح لإنشاء مدينة معارض يرفع سقف التوقعات

حلب: مطالب ملحة بالكهرباء ومقترح لإنشاء مدينة معارض يرفع سقف التوقعات

نظمت وزارة الاقتصاد والصناعة لقاءً مفتوحًا مع أهالي مدينة حلب صباح الأحد 22 حزيران، تحت عنوان "يوم مع وزارة الاقتصاد والصناعة". الفعالية التي رعتها محافظة حلب، بحضور وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، جرت في القصر البلدي وسط المدينة، وحضرتها عنب بلدي.

هدفت الفعالية، التي وصفتها الوزارة بأنها المحطة الأولى في سلسلة لقاءات مع المواطنين في المحافظات، إلى الاستماع لمطالب الصناعيين وأصحاب المشاريع، ومناقشة واقع الاقتصاد المحلي في ظل الصعوبات المتفاقمة التي تشهدها المدينة منذ سنوات.

الكهرباء تتصدر المشهد

تركزت المداخلات خلال اللقاء على معوقات العمل الصناعي في المدينة، خاصة في المناطق الصناعية. قلة ساعات وصل الكهرباء في المناطق الصناعية داخل المدينة، وضعف البنية التحتية للمياه في المدينة الصناعية بالشيخ نجار، كانت أبرز التحديات التي عبر عنها الحاضرون.

كما طُرحت مشاكل تتعلق بتراكم الرسوم والضرائب على المنشآت وإجراءات الترخيص، وصعوبة الوصول إلى المواد الأولية، إضافة إلى شكاوى من "بيروقراطية" بعض المؤسسات الرسمية التي تعرقل جهود التعافي الاقتصادي، بحسب ما نقله مشاركون في اللقاء لعنب بلدي.

تمحورت أبرز الاعتراضات حول تداخل شبكة الكهرباء الصناعية مع الشبكة المنزلية، وهو ما اعتبره الصناعيون سببًا رئيسيًا لانخفاض كفاءة التغذية الكهربائية، محملين مدير شركة الكهرباء في حلب مسؤولية هذا "الخلط غير المهني". كما تركزت الشكاوى على ارتفاع سعر الكهرباء المخصصة للصناعيين، إذ يبلغ سعر الواط الواحد حاليًا نحو 20 سنتًا أمريكيًا، ما يضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية. وفي المقابل، أشار أصحاب الشكوى إلى أن السعر في بعض المناطق الشمالية من المدينة، المحررة سابقًا، لا يتجاوز 10 سنتات، مطالبين بتوحيد السعر على مستوى المدينة.

لجنة مشتركة ووعود بالمراجعة

من جانبه، أعلن وزير الاقتصاد، محمد نضال الشعار، عن توصية بتشكيل لجنة مشتركة تضم صناعيين من محافظة حلب، وممثلين عن وزارة الاقتصاد والصناعة، ووزارة الطاقة، ووزارة الداخلية، بالإضافة إلى محافظة حلب، لبحث ملف الكهرباء في المناطق الصناعية، التي لا تتجاوز مدة تغذيتها الكهربائية حاليًا بين 8 إلى 10 ساعات يوميًا.

وأكد الشعار أن الوزارة ستوصي بإعادة النظر في تسعيرة الكهرباء، لتصبح موحدة في جميع المناطق، بما يضمن العدالة ويحمي القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي. وأضاف الشعار أن الوزارة "لن تطرح وعودًا غير واقعية" أو تطرح حلًا علاجيًا، بل سيكون الحل استراتيجيًا دائمًا، بحسب تعبيره. وأقر بوجود صعوبات حقيقية ومحدودية في الموارد المتاحة، معتبرًا أن "جميع المطالب التي يطرحها المواطنون والصناعيون محقة، لكنها تحتاج إلى وقت وإجراءات متدرجة للوصول إلى حلول عملية".

وأوضح أن الوزارة لا تعمل بمعزل عن هذه التحديات، إنما تسعى إلى مواجهتها عبر التنسيق مع مختلف الجهات المحلية والدولية، لافتًا بهذا الصدد إلى اتفاقيات تبرم حاليًا مع بعض الدول كقطر وتركيا، في محاولة لتحسين واقع الكهرباء عمومًا. وأضاف الشعار أن الوزارة لا تعد بحلول فورية، لكنها تؤكد التزامها بخطوات جدية لمعالجة المشكلات وفق الأولويات والإمكانات، ضمن خطة تهدف لتحسين البنية التحتية وتحفيز البيئة الاقتصادية تدريجيًا.

وأشار إلى أن تحسين مستوى معيشة المواطنين يعد من أولويات الوزارة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بشكل مطلق أو منفرد من قبل الحكومة. وأوضح الشعار أن تحسين المعيشة يتطلب تضافر جهود متعددة تشمل القطاع الحكومي، ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والمستهلكين أنفسهم، إلى جانب الصناعيين والتجار وغرف التجارة، مؤكدًا أن "رفع مستوى المعيشة مسؤولية مشتركة بين جميع مكونات المجتمع، وليس عبئًا على الحكومة وحدها".

"كل ما من شأنه أن يسهم في تحسين مستوى الدخل والبيئة الاستثمارية والواقع الاقتصادي، سنعمل عليه"، أضاف الوزير، مشيرًا إلى أن الوزارة تسعى لوضع سياسات تدعم هذا التوجه ضمن الإمكانيات المتاحة.

مدينة المعارض.. قيد الدراسة

في سياق متصل، أُثير خلال اللقاء موضوع غياب أرض مخصصة لإقامة معارض دائمة في حلب، ما يعد نقطة ضعف إضافية في دعم المنتج المحلي وتسويقه. وعلق محافظ حلب حيال الأمر بأن المقترح طرح قبل نحو شهرين، ويجري حاليًا النظر في موقعين محتملين لإنشاء مدينة المعارض، إما في منطقة الشيخ نجار ، أو في الريف الغربي للمدينة، دون حسم نهائي حتى الآن.

وعرضت محافظة حلب، خلال اللقاء، مجموعة من التوصيات والآراء التي جمعتها من المواطنين عبر منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وقدمتها إلى وزير الاقتصاد ضمن رؤية مقترحة لتحفيز الواقع الاقتصادي. وشملت التوصيات دعم استثمار المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والعائدين من الخارج، إلى جانب إعفاءات ضريبية وقروض ميسّرة، وإطلاق صندوق استثماري مشترك لتمويل هذه المشاريع.

كما دعت المقترحات إلى دعم الصناعات التقليدية كصناعة النسيج، والصابون الحلبي، والأحذية، والجلديات، وتوفير تمويل ودعم تقني لروّاد الأعمال. وطالبت التوصيات بإنشاء أكاديميات للتأهيل والتدريب المهني لدمج الشباب في سوق العمل، وربط التعليم التقني بالقطاعات الإنتاجية، إضافة إلى دعم جهود التصدير والتسويق وربط المنتج المحلي بالأسواق الخارجية.

مسارات معقدة

اللقاء، الذي جمع مسؤولين رفيعي المستوى بعدد من الصناعيين والمهتمين، أعاد فتح ملف قديم متجدد في حلب، حيث تشهد المدينة، التي تعرف بـ"عاصمة الصناعة السورية"، تحديات جذرية تعيق استعادة هذا الدور، في ظل غياب الكهرباء والمياه، وقلق المستثمرين من الواقع الحالي.

وتسهم هذه اللقاءات في فتح قنوات حوار بين الجهات الحكومية والفاعلين الاقتصاديين، وتتيح مساحة لعرض التحديات والمقترحات بشكل مباشر، وفي الوقت نفسه، يبقى تنفيذ التوصيات مرهونًا بوجود آليات واضحة وجداول زمنية محددة، لضمان تحويل الطروحات إلى خطوات عملية قابلة للمتابعة والتقييم، دون الدخول إلى مسارات معقدة تعيق واقع المدينة الصناعي والتجاري.

مشاركة المقال: