الإثنين, 23 يونيو 2025 01:48 AM

في دمشق وريفها: الدروس الخصوصية.. ضرورة تعليمية أم استنزاف مالي للعائلات؟

في دمشق وريفها: الدروس الخصوصية.. ضرورة تعليمية أم استنزاف مالي للعائلات؟

مع بداية موسم الامتحانات، تتحول الدروس الخصوصية إلى ضرورة ملحة للطلاب وفرصة مربحة للمدرسين، مما يعكس تحديات التعليم الحكومي والأعباء الاقتصادية المتزايدة على الأسر السورية. يبحث الطلاب عن فهم للمناهج الدراسية خارج أسوار المدارس الرسمية، بينما يستغل المعلمون هذه الفترة لتعويض ضعف رواتبهم من خلال تقديم دروس خصوصية بأسعار متفاوتة.

في دمشق، تصل تكلفة الحصة الواحدة للمواد العلمية لطلاب الثانوية العامة إلى ما بين 100 ألف و300 ألف ليرة سورية، حسب شهرة المعلم وخبرته. يؤكد محمد عبد الرحمن، معلم رياضيات من حي القابون، أن الإقبال يزداد بشكل كبير قبل الامتحانات، مما يضاعف الضغط على المعلم والطالب. وأضاف في حديثه إلى منصة “سوريا 24” أن مستوى الطلاب ضعيف، مما يتطلب جهدًا مضاعفًا في الحصة الواحدة، وهو ما يبرر ارتفاع الأسعار.

من جانبها، تجد الأسر نفسها مضطرة للاعتماد على هذه الدروس رغم العبء الاقتصادي الذي تمثله. فاتن خالد، أم لثلاثة أطفال من ريف دمشق، تشير إلى أن الأسعار في الريف أقل قليلًا من المدينة، لكنها لا تزال مرهقة جدًا. وتضيف: “المدارس لم تعد كافية، والراتب لا يكفي، لذلك نضطر للجوء إلى الدروس الخصوصية”. وتوضح أن ابنة أخيها في مرحلة البكالوريا تدفع حوالي 100 ألف ليرة سورية أو أكثر للحصة الواحدة، وأنهم اضطروا لتسجيلها في معهد خاص كلفهم أكثر من 10 ملايين ليرة سورية، بسبب ضعف أداء الأستاذ في المدرسة.

في حي برزة الدمشقي، تؤكد الطالبة شهد الحموي أن غياب المعلمين أو ضعف كفاءتهم دفع الطلاب نحو الدروس الخصوصية. وتشير إلى أن بعض المواد مثل الكيمياء والعربي كانت بلا معلم لشهور، مما أجبرهم على الاعتماد على المعاهد والدروس الخارجية. وتضيف: “نحن فهمنا المنهج من المعاهد، وليس من المدرسة… أحيانًا لا يوجد أستاذ أساسًا، وإذا وجد، فهو لا يشرح أو لا نستطيع أن نفهم عليه”.

يتفق الطلاب والأهالي على أن التكاليف تختلف من مادة لأخرى ومن منطقة لأخرى، لكن المواد العلمية، خاصة الرياضيات والفيزياء، هي الأعلى سعرًا. يحدد كل معلم سعره بناءً على خبرته وشهرته وقدرته على إيصال المعلومة، وفقًا لشهادة شهد، التي أوضحت أن الجلسات قد لا تتعدى الساعة، لكنها تكلف ما يعادل ربع راتب موظف حكومي.

لم تعد هذه الظاهرة مجرد نتيجة لضعف التعليم الرسمي، بل تحولت إلى اقتصاد مواز يعتمد عليه المعلمون لتأمين دخل إضافي، بعد أن أصبحت رواتبهم بالكاد تغطي احتياجاتهم الأساسية. وفي الوقت نفسه، يثير هذا الواقع تساؤلات جدية حول جودة التعليم الرسمي وفعاليته، في ظل الاعتماد المستمر على الدروس الخصوصية في المراحل التعليمية الحاسمة.

مشاركة المقال: