إيمان زرزور: رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة السورية الجديدة، ممثلة بوزارة الصحة، لإعادة إحياء القطاع الطبي المنهار وترميم ما دمرته الحرب في المشافي والمرافق الطبية، إلا أن معاناة المرضى مستمرة. يكافحون للحصول على العلاج والدواء وسط تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار، وهو التحدي الأكبر خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة.
أصبحت رحلة البحث عن علاج معركة يومية في ظل الانهيار الذي خلفه نظام الأسد للقطاع الطبي وغياب الدعم الصحي الكامل. في بلد أرهقته الحرب، أصبح تأمين الدواء أمراً يفوق قدرة الكثيرين، خاصة المصابين بأمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان.
يشهد القطاع الدوائي في سوريا أزمة خانقة تتجلى في غياب أدوية أساسية وارتفاع أسعار أخرى لمستويات غير مسبوقة. آلاف المرضى اضطروا لوقف علاجهم ليس لانتهاء آلامهم، بل لعدم قدرتهم على تحمل الكلفة، والمرض ينهك أجسادهم ويهدد حياتهم.
في السنوات الأخيرة، اشتدت أزمة الدواء لتطال أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية ارتفاع الضغط، والأنسولين لمرضى السكري، وأدوية القلب والربو، وعلاجات الكلى، وأدوية السرطان، خصوصاً الكيماوية والمناعية.
أصبح المريض يبحث عما هو متوفر، سواء كان دواءً محلياً أو مهرباً أو غير مرخص، ولم يعد يملك ترف الاختيار بين الجودة والسعر. على سبيل المثال، تجاوز سعر عبوة الأنسولين 100 ألف ليرة سورية إن وُجد، وتصل كلفة جلسة العلاج الكيماوي إلى مليون ليرة في بعض الحالات، أما حبوب الضغط والقلب فارتفعت من 2000 إلى أكثر من 20 ألف ليرة.
المرضى الأكثر تضرراً هم المصابون بالسرطان، حيث تعجز بعض المستشفيات العامة عن تأمين العلاج الكيماوي بانتظام، بينما تضاعفت أسعار العلاجات البديلة في الصيدليات الخاصة بشكل يجعلها بعيدة المنال عن معظم السوريين. هذه الفجوة المتسعة بين الحاجة والقدرة تجعل من تأمين العلاج تحدياً يومياً محفوفاً بالمخاطر.
تتعدد أسباب تفاقم أزمة الدواء في سوريا، وأبرزها تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، وصعوبة استيراد المواد الأولية بسبب العقوبات، وتوقف عدد كبير من معامل الأدوية عن الإنتاج بسبب نقص الكهرباء والمحروقات والقصف، علاوة عن تهريب الأدوية إلى الخارج بسبب الفارق الكبير في الأسعار، مع غياب الدعم الحقيقي للقطاع الصحي العام. هذا ما يطمح السوريون للخلاص منه ويتطلعون ليوم يكون العلاج فيه متاحاً.
في ظل هذا الواقع القاسي، تتصاعد المطالب للجهات الحكومية بتحمل مسؤولياتها، وأبرزها إعادة دعم الأدوية الأساسية، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة، وتأمين علاج مجاني أو شبه مجاني لمرضى السرطان، ودعم معامل الأدوية المحلية وتشجيع استيراد الأدوية الضرورية، ومراقبة الأسعار ومنع الاحتكار في الأسواق والصيدليات.
ورغم كل ما سبق، لا يزال الأمل قائماً في قلوب السوريين، لأن تأمين العلاج والدواء هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وركيزة لا غنى عنها لحماية الحياة. ويترقب المرضى بأمل الخطوات التي تبذلها الحكومة الجديدة لإعادة الحياة للمشافي الطبية ولبنائها من جديد، لتكون ملاذ المرضى والضعفاء لتلقي العلاج كحق حرموا منه لسنوات طويلة.
أخبار سوريا الوطن-الثورة