الثلاثاء, 13 مايو 2025 08:42 PM

هبوط مفاجئ لليرة السورية: هل هو تعافٍ حقيقي أم فوضى المضاربات؟

هبوط مفاجئ لليرة السورية: هل هو تعافٍ حقيقي أم فوضى المضاربات؟

شهدت السوق السوداء السورية، اليوم، تقلباً حاداً في سعر الصرف، إذ انخفض الدولار إلى حدود 9200 ليرة سورية، في وقت خفّض فيه مصرف سورية المركزي السعر الرسمي إلى 11 ألف ليرة. هذا التباين فتح باب التساؤلات حول دلالة هذا الانخفاض، وإن كان يشير إلى تعافٍ اقتصادي حقيقي أم إلى حالة من الفوضى والانفلات.

وفي حديث خاص، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو أن ما يجري هو "نزول وهمي" لا يعكس تحسناً في المؤشرات الاقتصادية الفعلية، مشدداً على أن تخفيض سعر الصرف لم يستند إلى زيادة في الاحتياطي النقدي أو تحسن في بنية الاقتصاد، بل جاء نتيجة "تفاؤل نفسي" مؤقت مرتبط بظروف سياسية وإشاعات.

وأوضح شعبو أن "الأسواق تأثرت بأجواء التفاؤل المرتبطة بتصريحات سياسية خارجية، منها معلومات غير مؤكدة عن طيران الإمارات أو دخول أموال جديدة، ما خلق ارتياحاً شعبياً غير واقعي، وكأن العقوبات رُفعت بالكامل، بينما الحقيقة أنها خُففت جزئياً فقط". وأضاف أن الانخفاض في سعر الصرف لم ينعكس إيجاباً على أسعار السلع أو العقارات أو الإيجارات، بل على العكس، تبقى الأسعار مرتفعة رغم تراجع الدولار، بينما تقفز فوراً مع أي ارتفاع جديد في السعر، وهو ما وصفه بـ"الوضع الكارثي".

وقال: "هناك فوضى حقيقية، فالمشكلة أن السوق يتعامل بسيكولوجية جماعية، لا وفق أسس اقتصادية". وأشار شعبو إلى وجود فجوة غير منطقية بين السعر الحكومي والموازي، حيث أصبح السعر في السوق أقل من السعر الرسمي، ما خلق حالة من "الارتباك الاقتصادي"، محذراً من استمرار هذه الاضطرابات دون معالجة جذرية.

ولفت إلى انعكاس الأحداث السياسية بصورة مباشرة على الليرة السورية، قائلاً: "لو خرج ترامب اليوم وقال بضع كلمات إيجابية عن سوريا، قد نشهد هبوطاً إضافياً في سعر الدولار إلى 8500 أو أقل، لكن هذا لن ينعكس على الواقع المعيشي، لأن التكاليف والأسعار ما زالت مُثبّتة بالليرة، بمعزل عن سعر الصرف".

من جانبه، أكد حمزة ضميري، صرّاف في ريف دمشق، أن السوق "تعيش حالة تخبّط يومي بسبب غياب المرجعية الواضحة". وأضاف أن الدولار اليوم انخفض نحو 900 ليرة فجأة، وسط مخاوف الأهالي من الشراء والبيع، في وقت لا توجد تعليمات واضحة من المصرف المركزي. مشيراً إلى حالة من عدم الاستقرار والوضوح بين التجار أيضاً، إذ يُسأَلون دوماً: على أي سعر نُثبّت؟ دون أن يكون لديهم جواب.

أما المواطن جمعة السيد (55 عاماً)، فينتقد بشدة ما يصفه بـ"التلاعب اليومي بلقمة العيش"، ويقول: "من أين هذا المنطق؟ الدولار ينخفض لكن الأسعار لا تنخفض! كيلو السكر لا يزال بـ11 ألفاً، والإيجارات مشتعلة، وإذا تحدّثت إلى صاحب المحل يقول لك: لا يوجد استقرار، أخشى أن يرتفع الدولار". مؤكداً أن المواطن صار رهينة لتجار ومضاربين.

ما تشهده السوق السورية اليوم لا يمكن اعتباره مؤشراً على تحسّن اقتصادي حقيقي، بل هو انعكاس لحالة من التخبّط وفقدان الثقة بالسياسات المالية. فالهبوط المفاجئ في سعر الصرف، دون أي تحسّن فعلي في المؤشرات الاقتصادية أو الإنتاج المحلي، يكشف هشاشة البنية النقدية والاقتصادية في البلاد. كما أن ارتباط حركة السوق بالشائعات والتصريحات الخارجية، بدل أن يُبنى على استراتيجيات إصلاحية واضحة، يشير إلى أن الليرة ما زالت رهينة للمزاج العام لا للسياسة الاقتصادية.

وفي ظل غياب أدوات رقابة فاعلة، واستمرار الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، تبقى الليرة السورية عرضة للتقلبات الخطرة، مع بقاء المواطن المتضرر الأول من هذه الفوضى النقدية.

مشاركة المقال: