لجنة التحقيق تمدد عملها لكشف تفاصيل أبرز المجازر الطائفية في الساحل السوري

هاشتاغ – رأي: نضال الخضري
تقف الأحداث السورية على حدود العلاقات الاجتماعية التي تبنيها المجتمعات المحلية، حيث ظهرت السياسة منذ لحظات الاستقلال الأولى مجرد هامش في تشكيل صورة سوريا. فالصراعات ظلت مرتبطة برؤية الناس لبلد يعمّه الأمن الاجتماعي ويخلو من ذعر الانهيار في العلاقات. تميزت سوريا الاجتماعية بثقافة حياة تعود إلى جذور تاريخية عميقة، بينما انحصرت سوريا السياسية على النخب.
التلاعب بالعلاقات الاجتماعية داخل سوريا، الذي انعكس في الساحل السوري بشكل خاص، لم يكن نتيجة مظلومية سياسية أو تحول سياسي، بل كان نتيجة عدم استيعاب النسيج السوري الفريد. انهيار العلاقات الاجتماعية أدى إلى مآسٍ طالت الساحل وشكلت نموذجاً للعبث الذي لا يمكن تعويضه.
مرت سوريا بمحاولات سابقة لزعزعة هذا التوازن الذي أثبت قوته ببصمة جغرافية وتاريخية طويلة. لكن، ومنذ الثورة السورية الكبرى في العشرينيات، ظهرت روابط اجتماعية تعزز الولاء لسوريا كوطن، مما أدى إلى إنشاء نموذج من الجمهورية الأولى الذي حافظ على قيمه رغم تغير الأنظمة الزمنية وتعاقب الحروب.
في السياق الحالي، تصبح رؤية سوريا المستقبلية محبطة لبعض الأطراف، حيث تحاول تطورات الشكل السياسي تحطيم العلاقات الاجتماعية التي عرفها السوريون على مدى التاريخ. التواصل بين الأطراف السورية لا يقوم على القوة بل يعتمد على إرادة البقاء والاستمتاع بالتنوع، بعيداً عن هيمنة منهج اللون الواحد.
لا يمكن حصر المسألة السورية في مؤتمرات دولية أو نقاشات سياسية ضيقة؛ فالسوريون هم مجتمع يحمل تنوعاً ضخماً ومعقداً، يمتد عبر تاريخ وجغرافيا يصعب تأطيرهما في قوالب أيديولوجية أو سياسية محددة. الجرح السوري، رغم عمقه، يقدم دروساً في كيفية استيعاب واستدامة العلاقات الاجتماعية التي تُعد جزءاً من الموروث الجمعي لكل مواطن سوري.