الأحد, 4 مايو 2025 02:02 AM

قمة بغداد 2025: هل تحقق الآمال المعلقة على القادة العرب؟

أ.د. جورج جبور

قيل إنها ستكون قمة شاملة، لا يغيب عنها أي قائد عربي يرأس دولة. لا أدري من قال ذلك، لكن المعنى واضح: يؤمل منها ما لم يؤمل في قمم سابقة. أتت قبلها قمة طارئة خُصصت لغزة، تبنت خطة لإعمار غزة. ماذا يؤمل من القمة الجديدة مما – ربما – لم يؤمل من غيرها؟

لكل متابع لسلسلة القمم العربية آماله التي يعلقها على القمة الجديدة. فما هي آمال الناس من القمة الجديدة؟ ألخصها بكلمتين: يأمل الناس من القمة الجديدة أن تأتي بنتائج تتناسب مع مستوى تضحيات الفلسطينيين خاصة والعرب عامة نتيجة التطورات منذ تشرين الأول 2023. ذلك حال الناس بالمجمل. إلا أن المجمل لا ينفي أن يكون لكل متابع للقمة نظرة خاصة، تجسد اهتمامه واجتهاده الخاص.

في 1979 عُقد مؤتمر قمة في تونس بعد استقرار الجامعة في عاصمة عربية ليست بمركزية القاهرة في مجال العمل العربي المشترك. ثم ما لبث الصدام بين العراق وإيران أن حول الأنظار عن سبب نشوء ظاهرة القمة، وهو فلسطين. في ذلك العام نشرت مقالاً في مجلة "المستقبل" الباريسية، عنوانه: "لو كنت مكان الشاذلي القليبي وأمامي مؤتمر قمة عربي". البند الأول في التوصيات هو أن العرب أمة واحدة.

في 2006 شاءت الظروف أن أتكلم عن اللغة العربية، طالبت القمة بتحديد يوم للغة العربية واقترحت أن يكون يوم بدء نزول القرآن الكريم. ثم في عام 2007 وبمناسبة بدء العقد العاشر لوعد بلفور، وقد استفحل شأنه في العدوان على لبنان عام 2006، أطلقت الدعوة لكي يكون للقادة العرب وقفة سنوية مع وعد بلفور، في ذكرى صدوره، بصفته "غير منصف".

ما مصير الدعوات – الأحلام السابقة، وما مكانها الذي أؤمله لها في قمة بغداد الشاملة؟ فأما عن الأمة الواحدة، ففي تجويع أهالي غزة من إثارة العواطف الإنسانية العادية، لكي لا أقول السامية، ما يجعل الإنسانية كلها أمة واحدة. أما بشأن يوم اللغة العربية فبإمكان رئيس القمة، وليست العربية لغته الأم، أن ينظر إلى *"اقرأ"* فيُري العالم ما هو واضح فيها: أنها لغة العرب والمسلمين معاً، هي لغته الأم أيضاً. سيزداد شعور العرب بكيانيتهم الخاصة إن تولوا هم بأنفسهم تحديد الموعد الأمثل ليوم لغتهم. أفما يزعج العرب وقادتهم أن من حدد لهم يوم لغتهم هو موظف ما في دائرة ما في نيويورك أو باريس؟

ثم إلى 2 تشرين الثاني. من يستطيع أن ينكر أن وقفة سنوية مع وعد بلفور تشرح عدم اتصافه بالإنصاف لن تكون ذات فائدة لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي ومن أجل ترسيخ قاعدة المساواة في الإنسانية؟ فلنتذكر أن الدولة مصدرة الوعد انتقدته مرتين: في تشرين الثاني 2002 ثم في الثانية نيسان 2017. ولنتذكر أن جامعة الدول العربية، وكل الدول العربية لم تتعامل مع الانتقادين، باستثناء واحد هو محاولة دولة فلسطين البناء على الانتقاد الثاني. هذا كما أعلم، ولما أعلم حد وأرحب بالتصحيح.

قمة عربية شاملة في أيار؟ إذن فلتجرؤ ولتتحدث بثقة عن إنصاف وعد بلفور بعد الإنصاف لكي تقضي على التردد في اعتراف فرنسا وبريطانيا معاً بدولة فلسطين في حزيران، بعد أسبوعين من القمة العربية. ومزيد من الخير في قادمات الأيام إن شاء الله، وإن شئنا عبر قممنا الشاملة الموحدة لنظراتنا وخطواتنا.

الكاتب: رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي، مؤسس الرابطة السورية للأمم المتحدة ورئيسها الفخري.

دمشق صباح 3 أيار 2025 قبل أسبوعين من قمة بغداد.

(موقع أخبار سوريا الوطن-١)

مشاركة المقال: