أعلنت شركة "أوبن إيه آي" عن إطلاق نموذجين متطورين من الذكاء الاصطناعي، يتميزان بقدرتهما على محاكاة التفكير البشري وتقديم حلول متقدمة للمهام المعقدة في مجالي البرمجة والرؤية الحاسوبية.
تُمثل هذه النماذج، التي أطلقتها الشركة مؤخرًا، قفزة نوعية لكونها الأولى من نوعها التي تدمج المعلومات البصرية ضمن عمليات الاستدلال. يتيح هذا الدمج للنظام القدرة على معالجة الصور الضبابية، وتحسين تفاصيلها، وتدويرها أو تكبيرها بذكاء أثناء أداء مهام تحليلية أو برمجية.
النموذج الأول، المعروف باسم "أو 3" o3، يتميز بقدرته على التعامل مع المشكلات المعقدة متعددة الخطوات في مجالات دقيقة كالعلم، والرياضيات، والبرمجة، إذ يأخذ وقتًا أطول لحساب الإجابة، مما يعزز دقته في الاستنتاجات النهائية. أما النموذج الثاني، "أو 4 – ميني" (o4-mini)، فقد تم تطويره ليقدم أداءً جيدًا مماثلاً، وإن بطريقة أبسط، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الذكاء.
وفقًا لما أعلنته "أوبن إيه آي"، فإن كلا النموذجين يدعمان الآن جميع أدوات "تشات جي بي تي"، بما في ذلك القدرة على تصفح الإنترنت وتحليل الصور وإنشائها، في نقلة نوعية نحو أدوات أكثر تكاملاً ومرونة.
يشهد مجال الذكاء الاصطناعي تنافسًا محمومًا منذ إطلاق "تشات جي بي تي" في أواخر عام 2022، وتحديدًا باستخدام النموذج "جي بي تي-3.5" (GPT-3.5). تواصل "أوبن إيه آي" التوسع بإيقاع سريع في تطوير نماذجها، وسط منافسة متزايدة من شركات عالمية وناشئة. ومن أبرز تلك الشركات المنافسة: "أنثروبيك" (Anthropic)، "ديبسيك" (DeepSeek) الصينية، و"أكس إيه أي" (xAI) التابعة لإيلون ماسك، والتي جميعها بدأت بإطلاق نماذج استدلالية متطورة تتنافس في الدقة والسرعة.
تُعد البرمجة من أبرز المجالات التي تشهد حاليًا تطبيقات سريعة ومتقدمة للذكاء الاصطناعي التوليدي. لذلك، تركز "أوبن إيه آي" بشكل خاص على هذه الساحة، معززةً قدراتها التنافسية من خلال أدوات جديدة مثل "كود إكس سي أل أي" (Codex CLI). الأداة الجديدة، التي تم إطلاقها بالتوازي مع النماذج الاستدلالية، هي وكيل ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، صُمم بالخصوص لدعم مهام البرمجة، وتعمل مباشرة عبر واجهة الأوامر النصية، مما يجعلها ملائمة للمبرمجين المحترفين والهواة على حد سواء.
في تصريحات سابقة، أشار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي"، إلى نية الشركة إطلاق نسخة مفتوحة المصدر من نموذجها الاستدلالي خلال الأشهر المقبلة، وذلك استجابةً للنجاح الكبير الذي حققته "ديبسيك" من خلال نموذجها المفتوح "أر 1" (R1). كذلك أكد ألتمان أن "أوبن إيه آي" تستعد لإطلاق نموذجها المرتقب "جي بي تي-5" (GPT-5) في المستقبل القريب، مما يفتح الباب أمام جيل جديد من التطبيقات الذكية التي ستعيد تشكيل تفاعل الإنسان مع الآلة.
بهذه التطورات، تواصل "أوبن إيه آي" توسيع حدود ما يمكن أن ينجزه الذكاء الاصطناعي، في مشهد عالمي يتسارع فيه الابتكار بوتيرة غير مسبوقة.