الإثنين, 12 مايو 2025 03:36 PM

فقدان التوازن العالمي: قراءة في نبوءات بانارين وتداعيات الهيمنة الأمريكية

فقدان التوازن العالمي: قراءة في نبوءات بانارين وتداعيات الهيمنة الأمريكية

مالك صقور: "وتحسبُ أنك جرمٌ صغيرٌ وفيك انطوى العالمُ الأكبر"، قول يُنسب للإمام عليّ كرم الله وجهه. بعد إقامة مخابر تحليل الدم وصناعة جهاز قياس ضغط الدم، صار مفهوم هذا القول واضحاً جداً.

يشرح الدكتور معن ندّور، المختص بالصيدلة واختبار الدم في لندن، أن المطلوب هو التوازن في كل شيء. فزيادة أو نقصان السكر أو ضغط الدم عن معدله الطبيعي يشكل خطراً على الجسم والحياة. الدم يحتوي على معادن كالحديد والزنك والمغنسيوم، بالإضافة إلى الكهرباء، وهذا الجرم الصغير بحاجة إلى التوازن كي يستمر في الحياة.

أما العالم الأكبر، فهو أيضاً بحاجة إلى التوازن. العالم يتنازع ويتصارع على الثروات والمعادن، وعلى الرغم من التطور ووسائل التفاهم، إلا أن التوازن بين الأمم أصبح مفقوداً نتيجة تحكم القطب الواحد بمقدرات الكرة الأرضية.

تنبأ الباحث الروسي آلكسندر بانارين في كتابه "التوازن الاستراتيجي المفقود في القرن الحادي والعشرين" بالحروب وعدم الاستقرار في العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. ويقول إن الحرب العالمية الجديدة بدأت منذ أعوام، وأن الدولة المنتصرة في الحرب الباردة (الولايات المتحدة) لم تكتف بهذا النصر، وواصلت هجومها على جميع الدول المستقلة باسم تحقيق برنامج الهيمنة والسيطرة الكاملة على العالم.

يرى بانارين أن عدم الاستقرار الاستراتيجي هو نتيجة اللعبة التي يشترك فيها طرف قوي وطرف ضعيف، فالقوي يبالغ في إطماعه، والضعيف لا يبدي استعداداً لمواجهة الحقيقة. وكلما بدا الضعيف أكثر استعدادا للتنازل، كلما ازداد جموح القوي المعتدي.

لقد فُقد التوازن، وعدنا إلى ديالكتيك هيغل في مسألة "العبد والسيد". الأحداث الدامية في المشرق العربي والعالم تثبت أن الولايات المتحدة لا تستطيع احتمال أي استقلال لأوروبا وغير أوروبا، والمطلوب هو الطاعة العمياء، وهي تنطلق من مبدأين خطرين: "المنتصر يأخذ كل شيء" و"غداً سيكون الوقت فات".

ومع ذلك، هناك من يقول: "إن العالم أكبر بكثير من أن يديره بلد واحد وحيد". ولن تسترد الكرة الأرضية عافيتها إلا بتعدد الأقطاب والتنوع.

مشاركة المقال: