الإثنين, 12 مايو 2025 06:34 PM

سوريا: جدل حول "الشورت الممنوع" وإثبات العلاقة.. هل تتراجع الحريات الفردية؟

سوريا: جدل حول "الشورت الممنوع" وإثبات العلاقة.. هل تتراجع الحريات الفردية؟

لم يخطر ببال “فراس” أن تعترض طريقه دورية أمنية أثناء توجهه من منزله إلى ملعب صغير لكرة القدم بتهمة ارتدائه لـ”الشورت”.

سناك سوري _ حلب

وقال “فراس 24 عاماً” لـ سناك سوري أن عناصر الدورية المتمركزة بشكل يومي بالقرب من منزله في “حلب” لحفظ الأمن في المنطقة، اعترضوا طريقه أثناء توجهه إلى الملعب سيراً على الأقدام وطلبوا منه استبدال “الشورت” ببنطال طويل، وحين أجابهم أنه لم يسمع عن صدور قرار يمنع ارتداء الشورت، كانت إجابتهم أن القرار صدر في هذه اللحظة مع نبرة تهديد فضّل إثرها عدم خوض النقاش معهم وعاد إلى منزله لارتداء بنطال بدلاً من الشورت.

هذه الحادثة ليست فريدة من نوعها، فقد شهدت مدينة “حلب” مؤخراً حوادث مماثلة لشبانٍ اعترض طريقهم عناصر بلباسٍ عسكري وطلبوا منهم عدم ارتداء “الشورت” بذريعة أنه يكشف “عورة الرجل”. كما شهدت مدينة “دمشق” حوادث مماثلة تتعلّق بمنع الشبان من ارتداء “الشورت”، في تدخّلٍ مباشر بحرية الأفراد في اختيار ملابسهم، وعبر استخدام موقع السلطة كوسيلة للتهديد والتخويف دون وجود قرار رسمي أو قانون يمنع ارتداء “الشورت”.

هذه المواقف، جاءت بعد حادثة توقيف الناشط في “حمص” أثناء وجوده مع خطيبته في السيارة، بذريعة عدم وجود إثبات على العلاقة بينهما، وما انتشر عقب ذلك من أحاديث عبر وسائل التواصل عن مواقف مماثلة تتعلق بمطالبة الشبّان إبراز وثيقة رسمية تثبت العلاقة مع الفتاة التي يمشون معها في الشارع، على أن تلك المواقف لا تنطبق على جميع الحواجز أو الدوريات الأمنية أو العناصر، ولكنها وقعت بالفعل بشكلٍ يظهر أنها تتعلّق بمزاجية العناصر الذين تتم مصادفتهم على الطريق، وغياب أي نص قانوني يستندون إليه في تصرفاتهم.

مقالات ذات صلة

  • الإثنين, 12 مايو 2025, 1:39 م
  • الأحد, 11 مايو 2025, 4:01 م

الشرع: سوريا لن تتدخل في الحريات الشخصية

في كانون الأول من العام الماضي وبعد سقوط النظام بفترة وجيزة، تحدّث الرئيس “أحمد الشرع” إلى صحيفة “” البريطانية، وقال رداً على سؤالٍ حول فرض تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد قائلاً أن “سوريا” ستكون طبيعية ولن تتدخل بشكل عميق في الحريات الشخصية لكنها ستأخذ العادات بعين الاعتبار وفق حديثه.

في حين، أن “العادات” من منطلقٍ اجتماعي لا تمنع الرجال من ارتداء “الشورت” ولا تمنع الرجل من السير مع خطيبته أو زميلته أو صديقته في الأماكن العامة، الأمر الذي ظهر في استغراب الشارع السوري عموماً من هذه المواقف والأسئلة، ورفض كثيرين لمثل هذه الممارسات باعتبارها تدخل في نطاق الحرية الشخصية التي لا تسبّب أي أذىً أو ضرر على الآخر بل تنحصر في حرية الإنسان باختيار ملابسه وطريقة عيشه.

من جانب آخر، فإن الرئيس “الشرع” وخلال في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني أشار إلى أهمية بناء دولة القانون والحرص على أن يطبّق القانون من قبل واضعيه، فيما تأتي هذه الممارسات من خارج إطار القانون ودون محاسبة مرتكبيها على خرقهم للقوانين وابتداعهم قوانين خاصة من أفكارهم لفرضها على الناس.

الحريات في الإعلان الدستوري

تقول المادة 12 من الإعلان الدستوري «تصون الدولة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتكفل حقوق المواطن وحرياته. تعدّ جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءا لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري».

بينما تخالف هذه الممارسات نصّ المادة المذكورة، وتفتح الباب أمام هيمنة على المجتمع وتحكّم في عاداته ونمط معيشته وحرية ممارساته اليومية، ما يتناقض تماماً مع الحريات الأساسية واتفاقيات حقوق الإنسان الوارد ذكرها في الإعلان الدستوري.

قد تبدو مسألة مثل ارتداء “الشورت” أو التجوّل مع صديقة أو خطيبة، مسائل صغيرة للوهلة الأولى، لكنها حقيقةً تدخل في عمق مفهوم الحريات الفردية والعامة، والقبول بخسارة هذا النوع من الحريات يهدّد بإتاحة المجال أمام إعادة توليف وأدلجة المجتمع بأفكار لا تتوافق مع طبيعته وعاداته وتقاليده وتاريخه ونمط عيشه.

الوسوم

مشاركة المقال: