الأحد, 4 مايو 2025 05:40 PM

خلافات حول رؤية مستقبل سوريا: هل يعرقل الحوار الكردي-الكردي اتفاق دمشق و"قسد"؟

خلافات حول رؤية مستقبل سوريا: هل يعرقل الحوار الكردي-الكردي اتفاق دمشق و"قسد"؟

عنب بلدي – موفق الخوجة

أفرز مؤتمر الحوار الكردي-الكردي، الذي حمل عنوان "وحدة الموقف والصف الكردي في روجافيي كردستان"، رؤية سياسية جديدة ترسم مسارًا تفاوضيًا قد يختلف في بعض جوانبه مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي، في 10 آذار الماضي.

عُقد المؤتمر في 26 نيسان الماضي، بعد سلسلة من المشاورات والمناقشات والتأجيلات، بمشاركة قطبي السياسة في مناطق شمال شرقي سوريا، وهما حزب "الاتحاد الديمقراطي" و"المجلس الوطني الكردي".

تضمن البيان الختامي للمؤتمر بنودًا أكدت على حقوق الكرد في سوريا، وتطرقت إلى تفاصيل تتعلق بالسياسة العامة وشكل الحكم والدستور في سوريا.

"قسد" راعية.. حضور دولي

لم تكن "قسد" طرفًا سياسيًا رئيسيًا في المؤتمر، بل لعبت دور الراعي، مع دعمها لبنوده والإشادة بمخرجاته، خاصة فيما يتعلق بفكرة "لا مركزية" الدولة التي تتبناها القوى السياسية الفاعلة في شمال شرقي سوريا.

ركزت البنود الختامية للمؤتمر على أربع نقاط أساسية:

  • نظام الحكم في سوريا برلماني يعتمد التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وفصل السلطات.
  • التأكيد على أن الدستور في سوريا يجب أن يضمن حقوق جميع المكونات السورية.
  • التأكيد على حيادية الدولة تجاه الأديان والمعتقدات وحق ممارسة الشعائر الدينية.
  • التأكيد على الاعتراف بالديانة الإيزيدية ديانة رسمية في الدولة.

كما تناولت البنود الأخرى النشيد الوطني والتقسيمات الإدارية، بالإضافة إلى نقاط تتعلق بالقومية الكردية وتوحيد رؤية القوى السياسية.

شهد المؤتمر حضورًا دوليًا من ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإقليم كردستان العراق، إلى جانب شخصيات محلية كردية ومن قوميات أخرى.

تعارض اتفاق الشرع- عبدي

يرى أنس شواخ، الباحث في شؤون شمال شرقي سوريا بمركز "جسور للدراسات"، أن الوثيقة السياسية الصادرة عن المؤتمر تتعارض مع اتفاق "قسد" والرئيس السوري، الشرع، الموقع في 10 آذار الماضي.

وأوضح شواخ أن اتفاق الشرع وعبدي ركز على الجوانب الأمنية والعسكرية، وحدد مصير "الإدارة الذاتية" ومؤسساتها، ونص على دمجها في مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى بنود عامة أخرى.

بينما تمثل الوثيقة السياسية أمرًا مختلفًا، حيث تضع أسسًا للمشروع الكردي المتفق عليه بين حزب "الاتحاد الديمقراطي" وأحزاب "المجلس الوطني الكردي".

وأشار إلى أن الوثيقة تحدد شكل الدولة السورية ونظام الحكم فيها، وتشترط وجود مناطق ذات سيادة سياسية خاصة مرتبطة بالإقليم المفترض في شمال شرقي سوريا وتتعلق بالفيدرالية.

تضمن الاتفاق بين الشرع وعبدي، الذي وُصف بالتاريخي، دمج مؤسسات "قسد" العسكرية والمدنية مع الدولة، ووقف إطلاق النار، والبدء في مسار التفاوض، بالإضافة إلى بنود عامة حول حقوق الكرد في الدستور السوري، وضمان عودة المهجرين وحمايتهم، والتنسيق لمكافحة فلول الأسد والتهديدات التي تمس أمن ووحدة سوريا.

دمشق ترفض المخرجات

بعد ساعات من البيان الختامي للمؤتمر، أصدرت "رئاسة الجمهورية" بيانًا يرفض مخرجاته، معربة عن رفضها لما وصفته بمحاولات فرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو "الإدارة الذاتية" دون توافق وطني شامل.

وأكدت الرئاسة السورية أن الاتفاق الذي جرى في 10 آذار الماضي كان خطوة بناءة إذا ما نُفّذ بروح وطنية جامعة، بعيدًا عن المشاريع الخاصة أو الإقصائية.

ووصف الباحث شواخ رد الرئاسة بأنه "طبيعي ومتوقع"، مشيرًا إلى أن سببه يعود لأهمية الموضوع، ولأن الرئيس الشرع هو من وقع الاتفاق مع عبدي، وأن البيان ينقل الرفض القاطع لمخرجات المؤتمر، ويصفه بشكل غير مباشر بأنه "انقلاب" على الاتفاق السابق.

دمشق تفضل التفاوض

يرى شواخ أن جميع خيارات الردّ متاحة أمام دمشق، بما فيها العسكرية، لكنه أشار إلى أن الاستراتيجية العامة التي تتبعها القيادة السورية الحالية تفضل الخيار السلمي التفاوضي، وهي استراتيجية مدعومة من قبل الجهات الدولية والإقليمية الداعمة.

ويتوقع شواخ محاولات لعقد جلسات أو تواصلات جديدة لإعادة تفعيل الاتفاق القديم أو تبيان موقف "قسد" منه لإعادة العمل عليه.

وأشار إلى أن الموقف الأمريكي وربما الفرنسي كان له دور في اتفاق 10 آذار، معتقدًا أن الشرع ينتظر دعمًا لهذا الاتفاق، وضغطًا على "قسد" للعودة إلى بنوده بعيدًا عن مخرجات المؤتمر ووثيقته السياسية.

حظي الاتفاق بين الشرع وعبدي بردود فعل إيجابية وترحيب دولي، أبرزها من واشنطن وعواصم أوروبية أخرى.

ويرى شواخ أن الخيار العسكري يبقى متاحًا أمام الحكومة السورية ما لم يسبقه ضغط أو تدخل بعمل عسكري واسع أو محدود من الجانب التركي للضغط على "قسد" للعودة إلى اتفاق 10 آذار.

"قسد" تراه فرصة

تتعامل "قسد" مع المؤتمر كفرصة لرفع سقفها التفاوضي مع الحكومة، إذ تدرك التوافق والدعم من المجتمع الدولي لبنود اتفاق 10 آذار، وهو الذي حدد سقفها، بحسب شواخ.

ويرى الباحث أن "قسد" تناور بنتائج المؤتمر لتحقيق مكاسب أعلى وحماية أكبر لمشروع "الإدارة الذاتية" الخاص بها ومكتسباته والأجسام التابعة له.

وأشار إلى أن خيارات "قسد" ستكون ضمن السقف الدولي، أي أنها لن تستطيع الدخول بمواجهة عسكرية مع الحكومة أو تركيا، دون غطاء دولي.

بالمقابل، يرى أن من المستبعد أن تكون "قسد" قادرة على القيام أو الدخول في مواجهة عسكرية ضد الحكومة أو دمشق دون دعم دولي.

تسيطر "قسد" على شمال شرقي سوريا، وهي من المناطق الثلاث الرئيسة التي خلقت توترات مع السلطة الجديدة في دمشق، إلى جانب الساحل السوري والسويداء جنوبي سوريا.

وتنتظر حكومة دمشق مكاسب من الاتفاق مع "قسد" دون قتال، أبرزها في الملف الاقتصادي، حيث تحتضن مناطق الشرق السوري أبرز حقول النفط والغاز، إضافة إلى سلة سوريا الأساسية من القمح.

مشاركة المقال: