مع اقتراب جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج في منتصف مايو/أيار الجاري، تتجه الأنظار نحو مبادرة سورية جديدة تحمل إمكانية تغيير جذري في مسار الأزمة السورية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي. المبادرة، التي أطلقها الرئيس السوري أحمد الشرع تحت اسم "خطة مارشال السورية"، تقدر تكلفتها بأكثر من 250 مليار دولار، وتهدف إلى إعادة بناء سوريا وفق رؤية شاملة تمتد حتى عام 2035.
هل تمهد الخطة للقاء أميركي سوري غير مسبوق؟
تشير مصادر إعلامية إلى أن هذه المبادرة ستكون محورًا رئيسيًا في محادثات ترامب في الخليج، مع وجود تسريبات حول إمكانية عقد لقاء بينه وبين الرئيس السوري في الرياض. هذا اللقاء قد يفتح الباب أمام رفع تدريجي للعقوبات الأميركية عن دمشق، في حال التوصل إلى اتفاق حول أهداف مشروع الإعمار.
من "مارشال أوروبا" إلى "مارشال سوريا"
تستوحي الخطة السورية اسمها من "مشروع مارشال" الأميركي الذي أُطلق عام 1947 لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، والذي أحدث تحولًا كبيرًا في القارة اقتصاديًا وسياسيًا. يأمل الشرع أن تحقق خطته تأثيرًا مماثلًا في إعادة بناء سوريا بعد سنوات الحرب.
مضمون خطة مارشال السورية: أبعد من مجرد إعادة إعمار
تتجاوز تكلفة المشروع 250 مليار دولار، موزعة على ثلاث مراحل حتى عام 2035، بتمويل من دول الخليج والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى استثمارات من القطاع الخاص. تركز المبادرة على:
- بناء مؤسسات مدنية حديثة.
- دعم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
- تنمية اقتصادية مستدامة بعيدًا عن الاعتماد على الموارد الطبيعية.
- إنشاء بنية تحتية رقمية وسياحية متطورة.
دور خليجي أوروبي محتمل في تمويل الرؤية
تتجاوز الخطة حدود سوريا، حيث تطرح رؤية اقتصادية إقليمية تربط بين الخليج وتركيا وأوروبا عبر شبكة من الموانئ وخطوط الطاقة. من المتوقع أن يكون التمويل الخليجي أساسيًا في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى، بالتعاون مع شركات أوروبية وأميركية.
الابتكار والتكنولوجيا: وادي السيليكون السوري
تتضمن الخطة إنشاء منطقة حرة تكنولوجية في حلب، تحت اسم "وادي السيليكون السوري"، بهدف جذب الكفاءات السورية في الخارج وتشجيع الابتكار المحلي. كما تولي الخطة أهمية كبيرة للسياحة الثقافية والدينية، من خلال إعادة تأهيل المواقع الأثرية في تدمر وحلب ودمشق وإدلب وحماة.
الحوكمة والشفافية: أساس النجاح
تعتمد الخطة على معايير عالية من الشفافية والمساءلة، من خلال إنشاء هيئة رقابية مستقلة تخضع لبرلمان انتقالي، وتنشر تقارير مالية دورية وتخضع لتدقيق دولي. تسعى الخطة أيضًا إلى إشراك المجتمع المدني والمغتربين السوريين لضمان إدارة نزيهة ومستدامة للمشروع.
هل تمثل هذه المبادرة نقطة تحول في الأزمة السورية؟
يرى مراقبون أن نجاح "خطة مارشال السورية" يعتمد على وجود إرادة سياسية سورية منفتحة، وشراكة إقليمية ودولية تنظر إلى سوريا كفرصة للتعافي وليس كساحة للصراع. إذا تم اللقاء بين الشرع وترامب، فقد تكون هذه الخطة مفتاحًا لتحول جذري في التعامل الدولي مع الأزمة السورية.