الثلاثاء, 13 مايو 2025 05:19 PM

خطة شاملة لإصلاح التعليم في سوريا: تحديث المناهج، دعم نفسي ورقمنة

خطة شاملة لإصلاح التعليم في سوريا: تحديث المناهج، دعم نفسي ورقمنة

تواجه وزارة التربية والتعليم السورية تحديًا مركبًا لا يقتصر على ترميم المدارس المتضررة من الحرب، بل يمتد إلى إعادة صياغة الهوية التعليمية في بلد شهد انقسامات عميقة وتغيرات مجتمعية وجغرافية واسعة. وفي حوار خاص، كشف الأستاذ محمد سائد قدور، مدير التعليم في وزارة التربية، عن الخطوط العريضة لخطة الوزارة التي تمتد من البنية التحتية إلى إصلاح المناهج، وتأهيل الكوادر، والدعم النفسي، والتحول الرقمي، وصولًا إلى إعادة توحيد النظام التعليمي.

آلاف المدارس خارج الخدمة

أوضح قدور أن نحو 8000 مدرسة لا تزال خارج الخدمة بدرجات متفاوتة من الضرر، مشيرًا إلى أن الوزارة بدأت بترميم 420 مدرسة، أُنجز منها 100 مدرسة وأُعيد تشغيلها. كما تم تقييم احتياجات 2200 مدرسة، ويجري التحضير لبناء مدارس جديدة بنماذج حديثة بالتعاون مع منظمات دولية ومجتمعات محلية.

قال قدور إن عدد الطلاب المسجلين كبير، لكنه متباين بين المناطق، وسط وجود نسبة من الأطفال المنقطعين عن الدراسة. وأكد أن الوزارة تُعد خطة لإعادتهم إلى التعليم، رغم التحديات الاجتماعية واللوجستية، مع إعادة تنظيم الكثافة الصفية حسب الواقع الجديد.

أشار قدور إلى وجود أكثر من 315 ألف معلم وموظف تربوي، مع حاجة إلى 35 ألف معلم إضافي. وأكد انطلاق برامج التدريب بعد الامتحانات الرسمية، أما المعلمون القادمون من مناطق النظام، فتم تقييمهم وظيفيًا وإعادة توزيعهم حسب الكفاءة. فيما يخص الكادر الإداري، يوجد 1681 موظفًا في الإشراف التربوي، وتعمل الوزارة على توحيد معايير تقييم الأداء ضمن خطة لإعادة هيكلة الإدارات بالتعاون مع مديرية التنمية الإدارية.

أكد قدور أن الوزارة بدأت مراجعة علمية للمناهج باستخدام أدوات تحليل متقدمة، لتحديث المحتوى بما يتماشى مع “مرحلة ما بعد التحرير”، وتركز المناهج الجديدة على الانتماء، التفكير النقدي، والانفتاح التكنولوجي.

الثورة ضمن التعليم

أوضح قدور أن هناك رؤية لتوثيق تحولات الثورة السورية بشكل موضوعي في المناهج، بما يُرسّخ قيم الديمقراطية والانتماء دون انحياز سياسي.

أكد مدير التعليم أن الوزارة تعمل على إعادة توحيد المناهج والإشراف التربوي تدريجيًا، إلى جانب ربط الشهادات الوطنية بمعايير الاعتماد الدولي لتسهيل الاعتراف بها عالميًا. في التعليم العالي، أشار إلى خطة لإعادة هيكلة الجامعات وطرح برامج استثنائية للطلاب المتضررين، تسمح لهم باستكمال دراستهم بمرونة.

أقرّ قدور بتأثير الحرب النفسي على الطلاب، وأكد أن الوزارة بدأت إدماج برامج دعم نفسي بالتعاون مع مختصين وهيئات صحية، لتوفير بيئة تعليمية آمنة.

التحول الرقمي

قال إن الوزارة أطلقت منصات تعليم إلكتروني في عدد من المحافظات، وتسعى لتحويل الكتب إلى مواد تفاعلية رقمية، مع التركيز على تدريب الكوادر على الأدوات الرقمية.

أخيرًا، أكد قدور أن الوزارة تعمل على إنشاء آليات رقابة صارمة، وقد تُشكّل هيئة رقابية مستقلة. كما يجري تنظيم عمل المدارس الخاصة وفرض مناهج وطنية موحدة تضمن التزامها بالهوية التربوية لسوريا.

تسعى وزارة التربية إلى تحويل النظام التعليمي من حالة الطوارئ إلى مشروع وطني شامل يعكس تطلعات السوريين بعد سنوات من الانقسام والنزاع، وبينما يبقى التنفيذ مرهونًا بالموارد والدعم، فإن التصريحات التي أدلى بها مدير التعليم تعكس إرادة سياسية للانطلاق بخطوات إصلاحية جذرية، قد تكون حجر الأساس لبناء جيل جديد أكثر وعيًا وانتماءً لوطن يتعافى ببطء.

مشاركة المقال: