تشهد السوق المحلية عدم استقرار في أسعار المواد والسلع بسبب تقلبات سعر الصرف، وعدم تعامل التجار بمبدأ السوق الحر. يرى بعض التجار أن الالتزام بسعر الصرف يمثل تحدياً كبيراً، لأن التاجر يشتري بالدولار ويبيع بالليرة. من هنا، يطالبون البنك المركزي بالعمل على ضبط سعر الصرف من أجل بناء اقتصاد قوي ومتماسك.
حبزة: التعامل بالدولار نقمة على المواطن ونعمة على التاجر
أوضح أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة أن قرار السماح بالتعامل بالدولار كان له تأثير سلبي على المواطنين وإيجابي على التجار. وأشار إلى أن التجار لم يتأقلموا مع الانتقال إلى السوق الحر والتنافس، حيث ما زال البعض يسيطرون على السوق. وأضاف أنه عند أي ارتفاع في سعر الصرف، يتعمد التاجر احتكار المواد بهدف التحكم بسعرها، خاصة المواد الأساسية المستوردة كالسكر والزيت والشاي. وأكد أن العديد من التجار ما زالوا يضعون أسعار بعض المواد على سعر صرف بقيمة 15 ألف ليرة للدولار، بغض النظر عن انخفاضه، وذلك لضمان هامش ربح كبير. وأشار إلى أن السوق لم يشهد تنافساً حقيقياً بين التجار، وأن بعض المواد المتوفرة يتم الحصول عليها عن طريق التهريب وبدون رسوم جمركية، مما يفترض أن يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل كبير. وأضاف أنه عندما انخفض سعر الدولار إلى 9000 ليرة، توقف التجار عن البيع انتظاراً لارتفاعه، وهو ما يتعارض مع مبادئ السوق الحر.
بدوره، أكد نائب رئيس غرفة التجارة سابقاً ورجل الأعمال محمد حلاق أن موضوع الالتزام بسعر الصرف معقد للغاية، خاصة في ظل المعادلة الحالية حيث يشتري التاجر بالدولار ويبيع بالليرة، مما يتسبب له في خسائر.
الحلاق: التزام التجار بسعر الصرف صعب ضمن معادلة الشراء بالدولار والبيع بالليرة
أوضح حلاق أن سعر الصرف يشهد تقلبات مستمرة، مشيراً إلى أنه في فترة قصيرة بين 10 و 25 مايو، تحرك سعر الصرف في السوق السوداء بحوالي 30%. وتساءل كيف يمكن للسوق استيعاب هذه النسبة ومن سيتحملها؟ وأكد أنه لا يوجد اقتصاد في العالم يشهد مثل هذه التقلبات في سعر الصرف خلال أسبوعين، مطالباً بثبات قطاع الأعمال وقدرته على تغيير الأسعار. وأشار إلى أن المستهلك هو من يتحمل الآثار السلبية لهذه التقلبات، حيث لا يستطيع بائع المفرق البيع بالدولار، وقد يضطر إلى التسديد بالدولار لتجار الجملة أو نصف الجملة، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية للتاجر. وأكد أن سعر الصرف في جميع دول العالم يرتفع وينخفض بناءً على قوة الاقتصاد وحجم الصادرات، وأن زيادة الموارد الباطنية وتنشيط السياحة وتحقيق دخول القطع الأجنبي يؤدي إلى فائض تصدير وقيمة مضافة عالية، مما يقوي الاقتصاد.
الحلاق: تشكيل لجنة اقتصادية وطنية مهمتها ضبط سعر الصرف
أشار حلاق إلى أن المعادلة معقدة جداً، مما يتطلب تدخل البنك المركزي بالتعاون مع الوزارات المعنية بالشأن الاقتصادي بهدف استقرار سعر الصرف وضبطه. وأكد أن هذا الموضوع يتطلب من المركزي إجراء ما يشبه العملية الجراحية لاستئصال المرض الخبيث المتمثل في وجود كتلة نقدية يتم التلاعب بها لإضعاف سعر الصرف. وأوضح أن تثبيت سعر الصرف يتطلب معرفة الكتلة النقدية الموجودة داخل المركزي وأيضاً داخل البلد، بالإضافة إلى معرفة الكتلة النقدية المطروحة خارج القطاع المصرفي والمتوقع أن تكون للمضاربة أو إيذاء العملة الوطنية. وأكد أنه عند معرفة هذه الأرقام يمكن السيطرة على سعر الصرف، ولكن يجب أن يتم ذلك عن طريق لجنة وطنية اقتصادية تصل إلى نتائج إيجابية، لأنه طالما سعر الصرف يرتفع وينخفض بسبب إشاعة أو إزالة عقوبات، ستبقى المشكلة قائمة، وأن هذه المعايير غير اقتصادية وغير منطقية ولا يعتمد عليها في بناء اقتصاد أي بلد.