محمد فرحة: يشهد الشرق الأوسط تصاعداً مقلقاً في التحديات المناخية، حيث بدأت وتيرة ارتفاع درجات الحرارة مبكراً هذا العام، مع غياب الشتاء البارد المعتاد، وتزامن ذلك مع استنزاف المياه الجوفية في دول المنطقة، وعلى رأسها العراق وسوريا، بالإضافة إلى تركيا وإيران، وظهور آثار الاحتباس الحراري بشكل واضح.
قد لا تظهر الآثار الكاملة لهذه المتغيرات المناخية بشكل فوري، لكن تأثيرها بدأ يظهر على المردود الإنتاجي الزراعي، والأمن المائي، وتراجع تدفق الينابيع وجريان الأنهار. ففي سوريا، خرجت المساحات الزراعية البعلية من دائرة الإنتاج، وأصبحت محاصيلها علفاً للماشية. كما أن مخازين المياه في السدود لا تكفي لسقاية المزروعات المحيطة بها، ومشهد سد الحولة بريف حمص يعكس هذا الانخفاض الكبير في منسوب المياه، ما ينذر بتصاعد وتيرة التصحر.
تواجه سوريا والعراق تهديداً كبيراً للقطاع الزراعي والأمن المائي، حيث يرتبط وجود أحدهما بالآخر. وهذا ينذر بأزمة عطش قادمة، قد يتبعها نزوح مماثل لما حدث في الأهواز بالعراق. وفي سوريا، بدأنا نلمس أثر هذه المتغيرات، وتراجع منسوب الآبار، ما دفع مدير وحدة مياه مصياف إلى التشدد في قمع المخالفات المائية والمطالبة بترشيد الاستهلاك.
إذاً، ما الحل؟ يرى الكاتب أن المتغيرات المناخية هي قدرنا، لكن الإهمال الحكومي السابق في بناء السدود والسدّات المائية فاقم المشكلة. فالمخازين المائية ضرورية لمواجهة سنوات الجفاف، والاستفادة من الهطولات المطرية الغزيرة لتوسيع المساحات الزراعية، وتوفير الأمن المائي والإنتاج الزراعي، وعلى رأسها القمح.
هل سنشهد هذا العام رؤية جديدة للقطاع الزراعي والمائي، مع التأكيد على ترشيد استهلاك المياه والحفاظ عليها؟ وهل سيتحقق مشروع تطوير الري الحديث الذي طالما سمعنا عنه دون أن نرى له أثراً على أرض الواقع؟ أسئلة كثيرة تثار حول الشأن المائي والبيئي في ظل التغير المناخي المتسارع الذي يهدد سوريا والعراق والشرق الأوسط.