الأربعاء, 30 أبريل 2025 02:40 PM

السويداء على صفيح ساخن: مخاوف من فتنة طائفية بعد تصاعد التوتر إثر تسجيل صوتي مسيء

السويداء على صفيح ساخن: مخاوف من فتنة طائفية بعد تصاعد التوتر إثر تسجيل صوتي مسيء

عاشت محافظة السويداء، بمدنها وأريافها، يوماً عصيباً، نتيجة التجييش الطائفي ضد الطائفة الدرزية على خلفية تسجيل صوتي منسوب إلى أحد أبنائها، يتضمّن إساءة إلى مقام النبي محمد. سرعان ما أخذ التحريض شكلاً أكثر عنفاً، مع خروج تظاهرات تحوّلت لاحقاً إلى هجمات على مدينة جرمانا، ترافقها حركة أرتال في اتجاه السويداء، ما أثار المخاوف من فتح جبهة دموية تحت عنوان «الجهاد» ضد الطائفة، وأعاد إلى الأذهان المقدّمات التي سبقت مجازر الساحل.

لم يقتصر التخوّف على السويداء، التي بدت في حال من العزلة الجغرافية وسط انقطاع الطرقات الواصلة من وإلى المحافظة، بل امتدّ إلى مناطق كصحنايا، وحتى إدلب، التي تتواجد فيها أقليات درزية.

بالرغم من نجاح قوات الأمن العام في قطع الطريق في اتجاه السويداء، لم تكن القرى والبلدات الواقعة على أطراف هذا الطريق بمنأى عن الرصاص العشوائي وأعمال القنص، والتي بدت وكأنها رسائل متعمّدة تهدف إلى تأجيج الفتنة، وإشعال فتيل حرب طائفية في المحافظة.

وعلى خلفية ذلك، شهد داخل السويداء استنفاراً في صفوف مختلف الفصائل المحلية، مدعوماً بحشد من الأهالي، بهدف حماية السويداء من أيّ هجمات. وترافق هذا مع توقّف شبه تام لحركة النقل من وإلى المحافظة، وهو ما انعكس مباشرة على حركة آلاف الطلاب الجامعيين المنتشرين في دمشق وجرمانا ومدن أخرى، وسط تصاعد المخاوف من تعرّضهم للاعتداءات، كما حصل في حمص قبل يومين.

وفي هذا السياق، يبدي الشاب لؤي استغرابه من «حملات التجييش الطائفي بحق السويداء وأهلها، والذين لم يكونوا يوماً إلا دعاة للسلام والأمان والاستقرار»، مبدياً أسفه تجاه الحال الذي وصلت إليه البلاد، على خلفية «تأثير مقطع صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي، لا يمثّل إلا صاحبه وهو مُدان بكل الأحوال، على مجتمع بالكامل، مع تحريك أرتال عسكرية واندلاع اشتباكات». وتمنّى أن «يكون ما حصل درساً يستفاد منه لتقوية المجتمع السوري، والذي لا يزال في سواده الأعظم محباً لبعضه وقادراً على التعايش والألفة بين جميع الطوائف والأديان والمعتقدات».

من جهته، عبّر رامي عن قلقه الشديد من سيناريو تكرار مجازر 8 آذار في الساحل السوري، قائلاً إنه لم يستطع النوم ليلاً خشية من وقوع مذابح. وأكّد أن «سوريا تحتاج إلى نظام قادر على الحصول على إجماع من كل السوريين، مع وضع حد للمتطرفين الذين يسعون لتفكيك المجتمع»، لافتاً إلى أن «التقصير الأمني للسلطات الجديدة، والسماح برفع شعارات طائفية ضد طائفة معينة في تظاهرات في المحافظات، مؤشر سلبي إلى عدم قدرة السلطات الجديدة على ضبط الأمان في عموم المحافظات».

وفي هذا السياق، أكّد شيخ عقل الموحّدين الدروز في سوريا، يوسف جربوع، في لقاء واسع حضره رجال دين مسيحيون ومسلمون ووجهاء عشائر وفعاليات اجتماعية، أنّ «مشيخة العقل تستنكر ما ورد في التسجيل الصوتي المفبرك»، مشيراً إلى أنّ «مصدره أشخاص مغرضون مقيمون خارج الوطن في هولندا»، معتبراً أنّ التسجيل يأتي في سياق «نشر الفتنة الطائفية في سوريا».

وأضاف أن الاجتماع الذي حصل بحضور مختلف أطياف مجتمع السويداء «دلالة على وحدة سوريا»، لافتاً إلى أن المجتمعين شدّدوا على أن «الإساءة إلى أي رمز من الرموز الدينية وأي مساس بهم هو مساس بالمعتقدات، وهو أمر محرم كلياً».

وأضاف جربوع أنّ «رسالة السويداء واضحة، بأنها تريد سوريا واحدة موحّدة بتنوعها، لأن ذلك هو الضامن لقوتها واستمراريتها»، متابعاً أن «الطائفية منبوذة ولا نقبل بها، ولا بأي محاولات للفتنة، ولا مجال إلا للمحبة والعيش المشترك». وإذ طالب الحكومة بـ«ضرورة بسط الأمن والأمان وتفعيل مؤسسات الدولة، وأن يضمن الدستور حقوق كل المكوّنات وفق مبادئ العدالة والمساواة والإخاء والبناء»، فهو أكّد أنه «لن يُفسح المجال للمغرضين لمحاولة إطلاق حرب أهلية، وسيتم التصدّي لها بالتماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية بين جميع الأطياف».

ولفت إلى أن «هناك قلقاً من محاولة نشر الفوضى في عموم البلاد»، مشدّداً على أنه «بالوعي والتكاتف الاجتماعي سيتم تجاوز هذه الفتن التي تحاك لسوريا والسويداء». وفي الوقت نفسه، أكّد أن «السويداء قادرة على حماية نفسها ومنع أي اعتداء على أهلها ومجتمعها».

مشاركة المقال: