الخميس, 1 مايو 2025 09:13 PM

الزبداني تنتفض من تحت الركام: مبادرة أهلية لإعادة الحياة إلى المدينة المدمرة

الزبداني تنتفض من تحت الركام: مبادرة أهلية لإعادة الحياة إلى المدينة المدمرة

بدأ محمود درويش (59 عامًا) بإزالة الركام من منزله المدمر في حي الجسر التاريخي بمدينة الزبداني، والذي تهدم جراء قصف النظام السوري. مستعينًا بكرسي حديدي وبعض المعدات، قام محمود بقطع الطريق بين حيي العامرة والجسر، لنقل الأنقاض إلى الطريق العام، امتثالًا لتعليمات بلدية الزبداني.

بعد عودته من إدلب، كان محمود متخوفًا من التكلفة الباهظة لإزالة الأنقاض من منزله في الطابق الرابع، الذي استُهدف بصاروخين حربيين. لكن المبادرة التي أطلقتها إدارة منطقة الزبداني والمجلس المحلي بالتعاون مع "الدفاع المدني" والمجتمع الأهلي في 24 نيسان الماضي، أزالت قلقه وتخفيف العبء المالي عنه، على حد قوله لعنب بلدي.

إزالة الركام ورميه على الشارع يسهل على البلدية والدفاع المدني إزالة الركام في الزبداني 30 نيسان 2025 (عنب بلدي / عمر علاء الدين)

مدير منطقة الزبداني، رائد التيناوي، أعرب عن أمله في أن تحقق المبادرة هدفها المنشود، وهو تشجيع الأهالي على إعادة بناء وترميم المدينة. وأوضح التيناوي لعنب بلدي أنه "بعد اجتماعات مطولة مع المجتمع الأهلي، توصلنا إلى قناعة بضرورة بناء بلدنا في ظل استمرار العقوبات على الشعب السوري، التي تعيق الشركات الهندسية عن الاستثمار في البناء والإعمار".

وأشار التيناوي إلى أن المبادرة، التي بدأت كمرحلة أولى لمدة شهر بالتعاون مع "الدفاع المدني السوري" الذي قدم الآليات والخبرات، بالإضافة إلى المجتمع الأهلي في الزبداني وأبنائها في المهجر الذين قدموا التمويل والآليات، وذلك عبر إنشاء صندوق مخصص لجمع التبرعات وتنظيم العمل بشفافية.

يسود التفاؤل في الزبداني بعد إطلاق هذه المبادرة، كما ذكر عدد من الأهالي الذين التقتهم عنب بلدي. وقد انتشرت أعمال إزالة الأنقاض في عدة أحياء، في سابقة منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024.

المدينة مدمرة وتحتاج إلى جهود جبارة، وعملية إزالة الركام بطريقة منظمة ووفقًا لجدول زمني محدد ستبعث روح النشاط والأمل في الأهالي للعودة وبدء الإعمار، وفقًا لمدير منطقة الزبداني.

أشار التيناوي إلى عدم تلقي المنطقة أي وعود أو عروض مساعدة من منظمات أو جمعيات لدعم هذه المبادرة أو غيرها، مؤكدًا العزم على البدء بهذا المشروع بالتعاون مع الأهالي ليكون مقدمة لعملية إعادة الإعمار.

كمية أنقاض تفوق التوقع

بحسب رئيس بلدية الزبداني، المهندس سمير درويش، يوجد ما يقرب من 800 ألف متر مكعب من الأنقاض في مدينة الزبداني وحدها. وذكر درويش لعنب بلدي أن 5300 منزل مدمر بشكل كلي في الزبداني، و8000 منزل مدمر بشكل جزئي، معربًا عن أمله في أن تخفف المبادرة من مهمة الإعمار قليلًا.

دور البلدية وإدارة المنطقة هو تنظيمي بالدرجة الأولى، بحسب رئيس البلدية، بينما يحمل الدور التنفيذي "الدفاع المدني" بالتعاون مع المجتمع الأهلي الذي قدم حوالي 50 مليون ليرة كتبرعات لشراء المحروقات للآليات العاملة (نحو 5000 دولار)، كما قدم المجتمع الأهلي أيضًا قرابة 10 آليات لتنفيذ المهمة على وجه السرعة.

أشار درويش إلى أن العملية تتم وفق تنظيم واضح، حيث يُطلب من الأهالي التسجيل على استمارة إلكترونية، وبناءً على ذلك يتم تحديد يوم لهم لترحيل الأنقاض من المنزل.

وبالنسبة لمصير الأنقاض، فإن البلدية تعمل على إصدار دفتر شروط لعملية إعادة تدويرها والاستفادة منها.

لم تشارك أي منظمة خيرية أو منظمات مجتمع مدني في هذه المبادرة، لكن درويش أكد أن باب التبرعات ما زال وسيبقى مفتوحًا، معربًا عن أمله في مزيد من التعاون مع كافة الجهات المهتمة بهذه المبادرة.

تشهد المناطق المحيطة بدمشق وغوطتيها الشرقية والغربية دمارًا جراء قصف قوات الأسد بالطائرات والبراميل المتفجرة على مدار سنوات. ويتوزع الدمار في تلك المناطق وفقًا لتقرير صادر عن معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب ترجمته عنب بلدي:

  • في منطقة الغوطة الشرقية، بلغ عدد المباني المدمرة كليًا 9353 مبنى، بالإضافة إلى 13661 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و11122 مبنى مدمرًا بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34136.
  • في منطقة مخيم اليرموك والحجر الأسود، جنوبي دمشق، 2109 مبانٍ مدمرة كليًا، و1765 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و1615 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 5489.
  • في مدينة الزبداني بريف دمشق، يوجد 659 مبنى مدمرًا كليًا، و1251 مدمرًا بشكل بالغ، و1454 بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 3364.

ماذا نعرف عن الزبداني ؟

الزبداني مدينة تبعد مسافة 45 كيلومترًا شمال غرب العاصمة دمشق. وتمتد المدينة على سفوح جبال لبنان. وارتبط تاريخها بدمشق كونها تقع على يمين الطريق الدولي الذي يربط دمشق ببيروت، في وسط المسافة بين دمشق وبعلبك، في وحدة جبلية في سلسلة الجبال السورية، حيث ترتفع عن سطح البحر ما بين 1,150 و 1,250 مترًا.

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، كانت الزبداني من أوائل المدن التي انتفضت في وجه نظام الأسد، وقوبلت المظاهرات التي خرجت فيها بالقذائف المدفعية والعربات العسكرية، كما كانت من أوائل المدن التي نشط فيها العمل المسلح ضد النظام وتشكلت فيها فصائل "الجيش الحر" التي انضمت لاحقًا لفصائل على رأسها حركة "أحرار الشام".

اقرأ أيضًا: الزبداني.. قصة الصمود والعودة

ووثق المجلس المحلي في الزبداني استهداف النظام للمدينة بـ5200 برميل متفجر، و2000 صاروخ من الطائرات الحربية، و40 صاروخ "RDX" (صواريخ تحمل خراطيم متفجرة يصل طولها إلى 200 متر يمكن أن تدمر حيًا سكنيًا بأكمله)، و1800 صاروخ باليستي، و100 ألف قذيفة من المدافع والدبابات.

كما كشف رئيس المجلس السابق للمدينة، جميل التيناوي في حديث سابق لعنب بلدي، أن النظام السوري السابق استمر على مدار يومين كاملين (28 و29 من آب 2015)، بضرب المدينة ببراميل مملوءة بغاز "الكلور" السام، وتعرض المقاتلون لحالات اختناق، دون أن تسجل أي حالة وفاة. كما تعرضت إلى جانب مضايا المجاورة لحصار خانق من النظام السوري و"حزب الله" اللبناني استمر لسنتين، ووثق المجلس 100 ضحية فقدوا حياتهم بسبب الجوع.

مشاركة المقال: