الإثنين, 5 مايو 2025 07:45 PM

التعليم في ريف حمص الشمالي: تحديات معيشية ورواتب متدنية تهدد مستقبل الطلاب

التعليم في ريف حمص الشمالي: تحديات معيشية ورواتب متدنية تهدد مستقبل الطلاب

رغم مرور سنوات على استقرار الوضع الأمني في ريف حمص الشمالي، يواجه قطاع التعليم تحديات كبيرة تهدد بقاء واستمرارية العملية التربوية، مما يثير قلقاً متزايداً لدى الأهالي والمعلمين على مستقبل الطلاب في المنطقة.

وصف عدد من العاملين في القطاع التربوي ومديري المدارس واقع التعليم بأنه "متوسط إلى متردٍّ". وأكد حازم زكور، وهو أحد الناشطين في المجال التربوي بالمنطقة، أن "الواقع التعليمي متوسط إلى حد ما"، مشيراً إلى أن الكوادر التعليمية موجودة بشكل عام، لكنها تعاني نقصاً في بعض التخصصات، خصوصاً في مجال اللغات الأجنبية. وأضاف زكور أن "ضعف الرواتب هو ظاهرة صعبة"، إذ لا تتجاوز رواتب المدرسين حالياً 50 دولاراً أمريكياً شهرياً، في ظل ارتفاع كبير في معدلات الفقر وتدهور القدرة الشرائية. وأشار زكور إلى أن "غالبية المدارس مدمرة جزئياً أو كلياً"، وأن إعادة تأهيل هذه المدارس ضرورة ملحّة لاستعادة البيئة التعليمية المناسبة للطلاب، مؤكداً أن غالبية القرطاسية والمستلزمات المدرسية تُوفَّر عبر التبرعات، وهو ما يعكس هشاشة البنية التحتية للمؤسسات التعليمية.

بدوره، أكد حسن الناجي، مدير إحدى المدارس في الريف الشمالي لحمص، أن "الواقع التعليمي جيد من حيث الأداء، لكنه لا يخلو من الصعوبات والتحديات". ولفت الناجي إلى وجود نقص في الكوادر التعليمية داخل الملاك الرسمي، أما بالنسبة للموظفين خارج الملاك، فهم يتقاضون رواتبهم كل شهرين أو ثلاثة أشهر، وهي رواتب لا تكفي حتى أسبوعاً من الحاجات الأساسية. وقال الناجي: "أنا كمدير مدرسة، راتبي 450 ألف ليرة سورية، وهو راتب ضعيف للغاية"، مشدداً على أن هذا الواقع المعيشي القاسي يؤثر سلباً على الحافز المهني للمعلمين، كما أنه لا يوجد ما يشجع الطالب على الاستمرار في المدرسة.

وحول ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس، قال الناجي إن نسبة التسرب المدرسي في المنطقة "قليلة نسبياً"، وذلك بفضل الجهود التي تبذلها إدارة المدرسة في التواصل مع أولياء الأمور لإرجاع الطلاب المتسربين. لكنه أوضح أن السؤال الأول الذي يطرحه الطالب عند الحديث عن أهمية العلم هو: "أستاذ، ما هو مستقبلي القادم إذا درست؟"، ما يدل على فقدان الثقة في قيمة العلم ومستقبله في ظل غياب فرص العمل والتنمية. أما فيما يتعلق بالبنية التحتية، فأكد الناجي أن "معاناة المدارس في تأمين الوسائل اللوجستية باتت كابوساً يومياً"، مشيراً إلى أن "سعر علبة الخراطيش (للبناء) وصل إلى 30 ألف ليرة سورية، في حين أن حنفيات دورات المياه إما تنكسر بعد تركيبها مباشرة إذا كانت رخيصة، أو تُسرق إذا كانت ذات جودة عالية". وأضاف أن "أبواب المدارس تخضع لنفس المعاناة، كما أن المقاعد المدرسية تحتاج إلى صيانة دائمة"، في وقت لا تزال فيه معظم المدارس تعاني دماراً جزئياً جراء المعارك السابقة، دون أن تتمكن الجهات المحلية أو الدولية من توفير الدعم الكافي لإعادة تأهيلها بالكامل.

وفي ظل هذه الظروف، تبقى إرادة المعلمين والطلاب هي الوقود الوحيد الذي يحرك آلة التعليم في ريف حمص الشمالي، بينما تبقى الحلول بعيدة المنال دون دعم حقيقي من المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية المهتمة بالتعليم في المناطق المتضررة من الحرب. ومؤخراً، أعلن عدد من أهالي ريف حمص الشمالي عن تشكيل لجان محلية تمثل كل مدينة وبلدة بهدف التحدث باسم الأهالي والعمل على تحقيق مطالبهم وتطلعاتهم. ومن مهام هذه اللجان العمل على ترميم المدارس وإعادة تأهيلها لتوفير بيئة تعليمية صحية للأجيال القادمة، بالإضافة إلى دعم المرافق الثقافية والدينية مثل تحفيظ القرآن الكريم واللغة العربية.

مشاركة المقال: