الأربعاء, 30 أبريل 2025 02:41 PM

اعتقال قائد "جيش الإسلام" في الإمارات يثير أزمة: هل تتورط دمشق في المؤامرة؟

اعتقال قائد "جيش الإسلام" في الإمارات يثير أزمة: هل تتورط دمشق في المؤامرة؟

منذ اعتقال قائد «جيش الإسلام»، عصام بويضاني، في الإمارات، الخميس الماضي، يكثّف أنصاره احتجاجاتهم في معقلهم الرئيسي (الغوطة)، وفي العاصمة دمشق، مطالبين السلطات بإعادته، سواء لكونه إحدى الشخصيات العسكرية المنضوية في هيكلية وزارة الدفاع الناشئة، أو لكونه أحد قادة المجموعات التي قاتلت طيلة سنوات الحرب السورية، في وقت لا تزال تلتزم فيه السلطات الصمت، وسط حديث عن مساعٍ مستمرة لاستعادته.

وبحسب مصادر سورية، فقد ألقت السلطات الإماراتية القبض على بويضاني، الذي كان في زيارة شخصية للإمارات من دون إبلاغ وزارة الدفاع، خلال محاولته مغادرة البلاد في مطار دبي، علماً أن هذه الزيارة تُعتبر الثالثة له للإمارات، من دون أن يتعرّض لأي موقف مشابه.

واللافت في اعتقال قائد «جيش الإسلام»، وهو فصيل مسلح موّلته السعودية بداية الحرب، – قبل أن يتراجع دورها مع انكفاء الرياض عن الملف السوري، ليخرج في ما بعد مقاتلو الفصيل إلى الشمال وفق اتفاقية قضت بسيطرة النظام السابق على الجنوب -، أن الرجل دخل الإمارات بجواز سفر تركي، علماً أن حيازته الجنسية التركية تفرض أن تحتاج مسألة استعادته إلى جهود سورية – تركية.

ويأتي هذا وسط شكوك متداولة في تورط الإدارة الجديدة في توقيفه بغية التخلص منه، كون مركز نشاطه قريباً من دمشق، العاصمة التي يجلس فيها الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، المعروف عنه تخلّصه من أي شخصية قد تشكّل تهديداً له.

غير أن مصادر سورية تحدّثت إلى «الأخبار»، نفت تورّط الشرع في هذه القضية لاعتبارات عديدة، أبرزها عدم منافسة بويضاني للرئيس الانتقالي، وانصياعه التام للهيكلية التي يتم رسمها، بالإضافة إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه في توطيد حكم الرجل، فضلاً عن أن الاستمرار في احتجازه، وعدم تمكن السلطات، حتى الآن، من استعادته، تسبّبا بشرخ بدأ يتوسّع من شأنه أن يراكم عقداً إضافية في سلسلة العقد التي يحاول الشرع حلّها لتثبيت حكمه.

يبدو لافتاً تزامن توقيف بويضاني مع بدء محاكمة الناطق السابق باسمه، أمام المحكمة الفرنسية

وفي وقت لا تزال فيه السلطات الإماراتية تلتزم الصمت حيال القضية، تكشف مصادر متابعة أن القبض على بويضاني جاء بناءً على مذكّرة توقيف دولية، في إطار الاتهامات الموجّهة إلى الفصيل بارتكاب انتهاكات خلال فترة نشاطه في الغوطة الشرقية، بما فيها عمليات إعدام وتعذيب وإخفاء (اختفاء الحقوقية رزان زيتونة وزملائها الثلاثة في مدينة دوما نهاية عام 2013)، وهي القضية التي يحاكم بناءً عليها عدد من المنتمين إلى الفصيل، أبرزهم الناطق السابق باسمه مجدي نعمة، المعروف باسم «إسلام علوش».

ويبدو لافتاً تزامن توقيف بويضاني مع بدء محاكمة نعمة أمام المحكمة الفرنسية، بعد أن تمّ توقيفه منذ خمسة أعوام تقريباً، ووُجهت إليه اتهامات بـ«التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب بين عامي 2013 و2016 في ضواحي دمشق»، ويواجه عقوبة قد تصل إلى 20 سنة.

ومن بين التهم الموجّهة إلى الناطق السابق باسم «جيش الإسلام» أيضاً، المساعدة في تجنيد أطفال أو فتيان في صفوف «أشبال الإسلام» وتدريبهم على العمل المسلح، وهي تهم قد تواجه قائد «جيش الإسلام» في حال تمّ تحويله إلى المحاكم الفرنسية، علماً أن الأخير هو القائد الثاني لـ«جيش الإسلام» بعد مقتل مؤسسه زهران علوش في غارة جوية عام 2015.

وبشكل عام، تمثّل قضية قائد «جيش الإسلام» اختباراً جديداً لمدى قدرة الشرع، الذي يترأس سوريا، على إدارة هذا الملف على المستويين، الداخلي والخارجي، في ظل احتمالية تعرّض عدد أكبر من قادة الإدارة الجديدة لمواقف مشابهة، بالنظر إلى تورطهم في قضايا عديدة، بمن فيهم الشرع نفسه، الذي لا تزال ترفض واشنطن الاعتراف بحكومته، على الرغم من شطب اسمه من قوائم «الإرهاب»، وهو إجراء من الممكن أن تعود عنه الولايات المتحدة، التي تضغط لتحقيق جملة من المطالب قبل فتح علاقات معه.

ويشار إلى أن الشرع بعد تولّيه السلطة في سوريا، طلب إذناً من مجلس الأمن (كونه مصنّفاً على لوائح الإرهاب في المجلس) للسفر بصحبة قائد استخباراته حينها، أنس الخطاب، إلى تركيا، وقد سافر إليها بعد تأكّده من الحصول على الإذن، قبل أن يتوقف العمل بهذا الإجراء بفعل الاحتضان الدولي، الأولي، لحكومته.

مشاركة المقال: