سناك سوري – بيروت
في الذكرى الثانية لرحيل المفكر والمناضل وليد صليبي، تجمّع طلابه ومعارفه لتذكره كـ "صانع أفق" و"صاحب رؤية إبداعية" و"شخصية لا تتكرر" و"إنسان حرّ" ومؤسِّس ورائد فكرًا ونضالاً.
في 3 أيار من العام 2023، رحل د. وليد صليبي بعد صراعٍ مع المرض لعشرين سنة، ومسيرة ريادية في الفكر والنضال لأكثر من أربعين سنة. هذا العام، نظّمت جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان – AUNOHR مناسبة خاصة تكريمًا لمؤسِّسها، في "بيت بيروت"، في أجواء ودّية وثقافية. تزامن اللقاء مع ذكرى "حرب 1975" في لبنان، وتم عرض مبادرات صليبي الرائدة في اللاعنف وفي مواجهة الطائفيّة.
في كلمتها، تحدثت الدكتورة أوغاريت يونان، رفيقة درب الراحل ومؤسِّسة الجامعة، عن صليبي الإنسان، والمفكِّر، والمناضل، لافتةً إلى فرادة مسيرته وعمق خياراته. وعرضت بتوسّع بعض المحاور الأساسية التي طبعت مسار وليد صليبي منذ الثمانينات، وهي: أول استراتيجية خلال الحرب منذ عام 1983، اللاعنف، اللاطائفية، والمقاومة اللاعنفيّة.
خلال كلمة د. يونان، قدّمت مجموعة من الطلّاب، وبتفاعل من الحضور، أغنية الزواج المدني بعنوان "سيدة حبّت حمّودي"، التي كان قد أعدّها وليد صليبي، بروحه المرحة والجريئة، على لحن "بدّك تجي حارتنا" لسميرة توفيق، في إطار التحرّكات النضاليّة في "الحملة الوطنية للأحوال الشخصيّة المدنيّة" في لبنان التي أسّستها أوغاريت يونان مع وليد صليبي ووضعا استراتيجياتها في منتصف التسعينيات. أنشدها آنذاك شبّان الحملة في مسيرة رمزيّة عام 2000 من المتحف إلى ساحة النجمة.
ثمّ كانت المساهمة الأساسية للطلاب، حيث قام عدد منهم بتقديم مقاطع مختارة من مقالات تحليلية عن كتاب وليد صلَيبي "نعم للمقاومة، لا للعنف"، كانوا قد أنجزوها في إطار مادة "فلسفة اللاعنف" التي يدرسونها في الجامعة. وقد أكّد الطلاب، من خلال قراءاتهم، أن فكر صلَيبي لم يكن نظريًا فحسب، بل يُختبر ويُحلّل ويُطبّق، وهو ما عبّروا عنه كيف غيّر هذا العمل في نظرتهم إلى الصراع والعدالة والحقوق، وجعلهم أكثر وعيًا بإمكانيات العمل اللاعنفي وفعاليته.
وقالت "عنبرة شلالدة" في كلمتها:« لقد أبدع وليد صلَيبي في اختيار العنوان. نعم، "الاحتلال صاحب قضية ظالمة اختار لها طرقاً وأساليب ظالمة"؛ هذه العبارة للدكتور صلَيبي هي اللغة التي أتحدث بها اليوم مع زملائي الشباب عندما نتحدث عن المقاومة الشعبية. صاحب الحقّ هو صاحب القرار الأقوى في اختيار الوسيلة… وسأبقى أقول إنك منارة النور، د. وليد صلَيبي، التي ستشرق في حراكنا نحو المقاومة اللاعنفية. وأنا أدعو للمطالبة بإدخال "نعم للمقاومة لا للعنف" ضمن المناهج التي يجب أن تدرَّس في مدارسنا، إذا أردنا التحرّر… ».
وفي الختام، كلمة مؤثرة للدكتورة إلهام كلّاب تحت عنوان "وليد كما عرفتُه". قالت: "هو رائد في ابتداع أبجدية جديدة للعنف واللاعنف في العالم العربي…إنسان حرّ وعقلاني، ثائر ومثابر، مرح وجدي، متذوق وحاسم، واقعي وحالم… استطاع مواجهة الواقع بجرأة وفعاليّة، وصاغ حياته من قناعاته العميقة… مشروع الجامعة الذي أسّسه مع رفيقة دربه أوغاريت يونان لم يكن سوى تحويل كلّ حلم إلى واقع، وكلّ رؤية إلى إنجاز مهما كان مستحيلًا وصعبًاً… إنّ ما قدّمه في سنواته الأخيرة، في ظلّ المعاناة مع المرض، كان امتحانًا لصلابة إيمانه وشجاعته، إذ كان لا ينقطع عن التدريس ولقاء الطلاب رغم صعوبة الانتقال وانحناء القامة الفارعة".