الأربعاء, 30 أبريل 2025 04:28 PM

فرنسا وإحياء دور الوصاية على سوريا: عودة بغطاء حقوقي أم محاولة لإحياء النفوذ؟

فرنسا وإحياء دور الوصاية على سوريا: عودة بغطاء حقوقي أم محاولة لإحياء النفوذ؟
بقلم: المهندس باسل قس نصر الله مع كل بادرة لتعافي سورية، يظهر التدخل الفرنسي في شؤوننا وكأنه امتداد لسياسات الماضي التي توقفت عند حقبة الانتداب. هذه التدخلات تتجدد هذه المرة تحت ذريعة "حماية الأقليات"، وتركز بشكل خاص على المسيحيين. آخر هذه المحاولات كان في مؤتمر نظمته جمعية "كريدو"، الذي يشير بوضوح إلى علاقته الوثيقة مع الخارجية الفرنسية. المؤتمر حضره ممثلون عن الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية، بينما غابت طائفتا الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، اللتان تمثلان أكثر من 70% من مسيحيي سورية. ناقش المشاركون ضرورة زيادة تمثيل المسيحيين في الحكومة السورية، بينما كان البعض الآخر أكثر وعياً في طرحه. من الناحية الديموغرافية، تتراوح نسبة المسيحيين بين 3% و5% من السكان، وهو تمثيل طبيعي لحجمهم، على الرغم من أن مساهماتهم في تاريخ البلاد والثقافة تفوق عددهم. هذه الأفكار تعيدنا إلى زمن تدخل الغرب في بلادنا بحجة "ضرورة حضوره الحضاري". الرد على هذه الادعاءات كان واضحًا أيام الاحتلال الفرنسي، عندما صعد فارس الخوري منبر المسجد الأموي ليقول للمسلمين: "أنا نائب النصارى، أطلب الحماية منكم وأرفض فرنسا". الرسالة كانت أن أبناء هذا البلد يحمون بعضهم دون الحاجة إلى وصاية خارجية. حماية الآخر كانت دائمًا جزءًا من تاريخنا، كما فعل الأمير عبد القادر الجزائري خلال أحداث دمشق عام 1860، عندما دافع عن المسيحيين قائلاً: "إنهم إخوتي". الإسلام الذي يحاول البعض تقسيمه اليوم لم يكن يومًا إلا دين التسامح والتآلف. فرنسا، التي تدعي العلمانية، تنسى تاريخها عند الحديث عن حماية الأقليات في سورية. هذه السياسة هي نفسها التي حرمت المسلمين سابقاً من الانضمام إلى الجيش السوري وشجعت على الانقسامات الطائفية. التدخلات تكررت بمسميات مختلفة، مثل قضية دمشق عام 1840، التي استخدمت كذريعة لحماية اليهود. على مر التاريخ، استمرّ الوجود المسيحي في سورية بفضل التعايش مع المسلمين، وليس بسبب أي تدخل خارجي. العلاقة بين المآذن والأجراس في سورية تجسد هذا التفاهم العميق. رغم كل الظروف الراهنة، يبقى الحل في التكاتف الشعبي والثقة المتبادلة. نحن في سورية لسنا بحاجة لحماية خارجية أو تمثيل زائف على حساب مصلحتنا الوطنية. حماية الوطن تأتي من وحدتنا وتآزرنا، كما فعل فارس الخوري والأمير عبد القادر من قبل. إذا كان هناك مناداة لحماية، فلتكن الحماية بيننا، أبناء الوطن الواحد.
مشاركة المقال: