الأحد, 4 مايو 2025 03:50 PM

عندما يتحدث الجسد: كيف يحوّل القلق والتوتر مشاعرك إلى أعراض جسدية حقيقية؟

عندما يتحدث الجسد: كيف يحوّل القلق والتوتر مشاعرك إلى أعراض جسدية حقيقية؟

يعاني الكثيرون من القلق بسبب أعراض جسدية مثل الدوار، وآلام الرأس أو المعدة، دون أن تظهر الفحوصات الطبية سببًا عضويًا واضحًا. ما قد يجهله البعض، أو يرفض تصديقه، هو أن هذه الحالات قد تكون ناتجة عن اضطرابات نفسية جسدية، تُترجم في صورة أعراض عضوية. فليست لدى جميع الناس الثقافة الطبية التي تُمكّنهم من التمييز بين ما هو عرض ناتج عن مرض عضوي، وما هو انعكاس لاضطراب نفسي.

ما هو الاضطراب النفسي الجسدي (Psychosomatic Disorder)؟ هو حالة جسدية يسهم التوتر النفسي في حدوثها أو تفاقمها. إذ يمكن للضغوط النفسية أن تؤثر في الجسم بطرق متعددة، مسببةً أو مفاقمةً أمراضًا عضوية. وتشمل هذه الأمراض: التهاب المفاصل، السكري، الألم العضلي الليفي، أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، متلازمة القولون العصبي، السمنة، صداع التوتر، وبعض مشاكل الجلد مثل الصدفية والأكزيما، واضطرابات النوم وغيرها.

تشير دراسة بعنوان "The Association of Mental and Physical Health Problems in High-Risk Adolescents: A Longitudinal Study" إلى أن اضطرابات المزاج واضطرابات السلوك ترتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالمشكلات الصحية، بما فيها الحالات الحادة. كما يرتبط تشخيص اضطرابات المزاج بزيادة في معدل الأمراض المعدية، ومشكلات الجهاز التنفسي، واضطرابات الوزن. وقد يكون التأثير النفسي مباشرًا أو غير مباشر، فالاكتئاب مثلاً قد يُضعف الاستجابة المناعية، مما يزيد احتمالية الإصابة بالعدوى الفيروسية أو البكتيرية مثل الإنفلونزا ونزلات البرد.

كيف يُمكن التمييز بين الأعراض النفسية الجسدية وتلك الناتجة عن مرض عضوي؟ بحسب الدكتور جورج حنا، اختصاصي أمراض الدماغ والأعصاب وأستاذ محاضر في الجامعة اليسوعية، فإن التشخيص يبدأ عادةً باستبعاد الأسباب العضوية. فمثلاً، إذا كان المريض يشكو من ألم في المعدة، يُطلب منه إجراء تنظير للتأكد من سلامة الجهاز الهضمي. وإذا لم يظهر أي خلل عضوي، يُطرح احتمال أن يكون السبب نفسيًا. والأمر ذاته ينطبق على حالات الدوار التي لا يُظهر الفحص لدى أطباء الأنف والأذن أو الأعصاب أي سبب عضوي لها، مما يُرجح وجود اضطراب نفسي جسدي.

ما التفسير العلمي لارتباط الحالة النفسية بأعراض جسدية؟ يحتوي الدماغ على منطقة تُعرف بـ الجهاز الحوفي (Limbic System)، وهي مجموعة من البنى الدماغية المرتبطة بتنظيم العواطف والسلوك. هذا الجهاز يتفاعل مع المؤثرات الخارجية التي نراها أو نسمعها أو نشمّها أو نشعر بها، ويُصدر أوامر إلى منطقة ما تحت المهاد (Hypothalamus)، ما يؤدي إلى ظهور استجابات جسدية تلقائية.

فعلى سبيل المثال، قد يُغمى على الشخص عند رؤيته مشهدًا مرعبًا، أو يشعر بقشعريرة عند سماع كلمة مؤثرة، أو يخفق قلبه عند رؤية من يحب، أو يحمرّ وجهه خجلاً. كما أن فرط نشاط العصب العاشر (Vagus Nerve) قد يؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة.

أعراض الاضطرابات النفسية الجسدية تتميز هذه الاضطرابات بوجود أعراض جسدية ليس لها أساس عضوي، لكنها تسبّب انزعاجًا ملحوظًا. وقد تكون هذه الأعراض مؤقتة وعرضية، أو مزمنة ومتفاقمة، وقد تصل في بعض الحالات إلى نوبات هلع تستوجب علاجًا دوائيًا.

تختلف الأعراض باختلاف الحالة، فقد يؤدي القلق والتوتر إلى تفاقم مشكلات الجهاز الهضمي مثل الإسهال أو الإمساك أو الانتفاخ أو آلام البطن. وتختلف أيضًا استجابات الأفراد للمؤثرات الخارجية.

تشمل الأعراض الشائعة:

  • ألم في الصدر أو تسارع ضربات القلب
  • الإرهاق أو الأرق
  • الصداع أو الدوار
  • الارتعاش أو الرعشة
  • ارتفاع ضغط الدم
  • توتر العضلات أو انقباض الفك
  • اضطرابات هضمية
  • تغيرات في الشهية
  • الضعف الجنسي
  • ضعف جهاز المناعة

ما الحلّ؟ تُعد إدارة التوتر حجر الزاوية في علاج هذه الاضطرابات. ويكون ذلك من خلال تحسين الصحة النفسية عبر ممارسة الرياضة المنتظمة لتفريغ الشحنات السلبية، وفي بعض الحالات قد يحتاج الشخص إلى الدعم النفسي من خلال العلاج السلوكي أو النفسي. يضيف الدكتور حنا أن انتشار هذه الأعراض ازداد مؤخرًا نتيجة الإجهاد المزمن (Stress)، والذي يمكن أن يصل تأثيره إلى انسداد الشرايين في الحالات الشديدة.

مشاركة المقال: