بعد سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024، بدأت إسرائيل بالتوغل في سوريا بذريعة تدمير ترسانة الجيش المخلوع، ما أثار ردود فعل في الجنوب السوري أسفرت عن سقوط ضحايا.
بالتزامن مع ذلك، ظهر ما يسمى بـ"جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" (أولي البأس)، مدعية وجود مقاتلين يتبعون لها ويقاومون الوجود الإسرائيلي، بينما يقتصر نشاطها الفعلي على العالم الافتراضي.
تبنت "أولي البأس" عمليات اشتباك مع الجيش الإسرائيلي في ريف درعا، لإظهار أنها تتصدى للتوغل، وحازت اهتمام وسائل إعلام إسرائيلية وغربية، منها مقابلة مع صحيفة "نيوز ويك" الأمريكية.
لكن مدنيين وقياديًا عسكريًا في درعا نفوا لعنب بلدي هذا التبني، مؤكدين أن المقاومة كانت رد فعل شعبيًا على دخول إسرائيل لأراضيهم.
على "تلجرام"
أول ظهور لـ"أولي البأس" على "تلجرام" كان في 9 كانون الثاني الماضي، تحت اسم "جبهة تحرير الجنوب". حملت المنشورات الأولى تهديدات لإسرائيل، مطالبة إياها بالخروج من الأراضي السورية خلال 48 ساعة، وإلا ستواجه مقاومة شعبية، مدعية امتلاك أسلحة من مخلفات النظام السابق.
نفت "جبهة تحرير الجنوب" تبعيتها لأي طرف أو جهة أو دولة، أو ارتباطها بأي تنظيم أو حزب سياسي داخلي أو خارجي. وفي 11 كانون الثاني، عدلت اسمها إلى "جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا" (أولي البأس).
أول تبنٍّ
استمرت "أولي البأس" بنشر صور لمركبات إسرائيلية داخل سوريا مع تهديدات، وأول عملية تبنٍّ كانت لإسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية في 28 كانون الثاني الماضي. وفي 31 كانون الثاني، تبنت استهداف دورية إسرائيلية متوغلة بقرية طرنجة بريف القنيطرة، ما أدى إلى إصابات بصفوف الإسرائيليين، وفقًا لبيانها.
لكن مراسل عنب بلدي أفاد بأن شابًا من القرية أطلق الرصاص على دورية إسرائيلية، تبع ذلك حملة اعتقالات.
تصعيد في درعا
في 17 آذار الماضي، صعّد الجيش الإسرائيلي قصفه على مدينة درعا، مستهدفًا عدة مواقع، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة نحو 20 آخرين. وقالت إسرائيل إنها قصفت أهدافًا عسكرية جنوبي سوريا.
في ذات اليوم، قالت "أولي البأس" إن الجيش الإسرائيلي أغار على أحد مواقعها بدرعا، ما أدى إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة اثنين آخرين.
وفي 11 آذار، أطلق مجهولون النار بقرية كويا بريف درعا الغربي، ليرد الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص وقذيفة هاون. وباركت "أولي البأس" هذه التحركات واعتبرتها إعلان "تمرد".
وفي 25 آذار، حاول شبان من قرية كويا منع الجيش الإسرائيلي من التقدم، ليرد عليهم باستهداف القرية بقذائف الدبابات والطائرات المسيرة، ما أوقع ستة قتلى ونحو 10 إصابات. وقالت "أولي البأس" إنهم "شهداء أبطال".
أهالٍ: رد شعبي غير منظم
أكد سكان من بلدة كويا أن ما حدث هو رد شعبي غير منسق، نتيجة حصار إسرائيل للمزارعين، وأن المقاتلين هم من المزارعين الذين تصدوا ببنادق الصيد والسلاح الشخصي وأجبروا الجيش الإسرائيلي على التراجع.
ورفض الأهالي أي تبنٍّ للعملية، مؤكدين أنها وليدة اللحظة.
"أولي البأس" تتبنى
أبرز الأحداث كانت بين بلدتي تسيل ونوى، شمالي درعا، حيث توغل الجيش الإسرائيلي ليواجهه شبان القرية، ما أوقع تسعة قتلى وعددًا من الجرحى. وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ عملية توغل برية وصادر وسائل قتالية ودمر بنى تحتية.
وذكر أن "مسلحين" أطلقوا النار نحو القوات الإسرائيلية، لتقوم الأخيرة باستهدافهم. "أولي البأس" قالت إنها تصدت للاجتياح واشتبكت مع الجيش الإسرائيلي، موقعة إصابات في صفوف الإسرائيليين، إضافة إلى إسقاط طائرة مسيرة.
ونعت القتلى التسعة، ودعت إلى المشاركة في تشييعهم، لتوحي بأنهم مقاتلون في صفوفها.
قيادي سابق في "الجيش السوري الحر" بمدينة نوى قال إن ما حصل هو رد شعبي على توغل إسرائيلي غير منظم.
شكوك بتبعيتها لإيران
تُتهم "أولي البأس" بتبعيتها لإيران، من خلال سرديتها وتمجيدها للمشروع الإيراني والأذرع المرتبطة به، وتحمل شعارًا مشابهًا لـ"حزب الله".
كما تشمل منشوراتها هجومًا على ما تسميه "المشروع الصهيوني والأمريكي والتركي"، فضلًا عن هجومها على الحكومة الحالية، واتهامها بالتنسيق مع إسرائيل.
ويرى باحث أن "أولي البأس" خرجت من أطراف تؤيد المشروع الإيراني، وأن إنشاءها هو "محاولة يائسة" لإثبات أن نفوذ إيران ما زال قائمًا في سوريا.
هواجس إسرائيلية
يشير الباحث إلى أن الهاجس الإسرائيلي يتمثل بوجود ميليشيات إيرانية على حدودها، وأن العملية العسكرية في القرى كانت نتيجة ردة فعل شعبية عفوية غير منظمة ضد التوغل الإسرائيلي.
ويعتقد أن العمليات التي تقوم بها التنظيمات أو الميليشيات المسلحة تكون عملًا شبه منظم، وهو ما غاب عن مشهد المواجهات في كويا ونوى.