عنب بلدي – زينب ضوا
يشهد السوق السورية انتشارًا ملحوظًا للعملة المزورة، تزامنًا مع تداول الدولار وعملات أجنبية أخرى بعد سقوط القيود التي فرضها نظام الأسد على التعامل بالعملات الأجنبية. وقد ساهم تدفق العملات الأجنبية من مناطق الشمال السوري وعبر المسافرين القادمين من الخارج في ازدهار تجارة تصريف العملات، مما أدى إلى انتشار الأموال المزورة، خاصة من العملة السورية.
مايا عبود، طالبة جامعية، ذكرت أنها اكتشفت أن ثلاث أوراق من فئة 5000 ليرة كانت مزورة عندما حاولت إرسال مبلغ مالي إلى أهلها في جبلة. وأشارت إلى صعوبة التمييز بين العملة الأصلية والمزورة بالنسبة للمواطنين غير المتخصصين، مما يجعلهم عرضة للاحتيال.
مع تراجع قيمة الليرة السورية وارتفاع معدلات التضخم، يتجاهل الكثيرون فحص الأوراق النقدية بشكل دقيق أثناء المعاملات التجارية، مما يسهل تمرير العملات المزورة.
عبد الرحمن، طبيب أسنان، أكد أنه اكتشف تزوير أوراق نقدية بعد استلامها من أحد المرضى، مشيرًا إلى أن الكثيرين يخلطون العملات المزورة بالسليمة ويقومون ببيعها.
يوسف علي، صائغ ذهب في منطقة المزة بدمشق، أوضح أن العديد من الزبائن يكتشفون أنهم يحملون عملة مزورة أثناء محاولة التصريف.
الليرة السورية خسرت 99% من قيمتها
الدكتور عبد الرحمن محمد، نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، أوضح أن الليرة السورية فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ عام 2011، مما جعلها هدفًا للمزورين بسبب انخفاض تكلفة طباعة الفئات الصغيرة مقارنة بالأرباح المحتملة. وأشار إلى أن تزوير العملة هو أحد أعراض الأزمة الاقتصادية الهيكلية التي تتطلب حلولًا شاملة، تبدأ بتعزيز الرقابة على الحدود والقطاع المصرفي، مرورًا بإصلاح السياسة النقدية، وصولًا إلى استعادة الاستقرار السياسي.
الدكتور عابد فضلية، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، يرى أن ضعف الرقابة وتطور أساليب التزوير ونشاط العصابات المتخصصة هي من أهم أسباب انتشار العملة المزورة.
أسباب التزوير
يعزو الدكتور عبد الرحمن محمد تزوير العملة إلى ضعف الرقابة الحكومية، وقلة الثقة بالعملة المحلية، وسهولة عمل شبكات التزوير المنظمة، وعدم وجود أنظمة متطورة للكشف عن العملة المزورة، وزيادة الطلب على النقد في السوق الموازية بسبب العقوبات الدولية، وانتشار الفساد وتهريب العملة عبر الحدود.
كما أشار إلى أن فتح السوق سمح بتهريب كميات كبيرة من العملة المزورة عبر الحدود، خاصة من دول تشهد اضطرابات مثل لبنان والعراق.
انعكاسات تزوير العملة
الدكتور عابد فضلية يوضح أن تزوير العملة يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وإضعاف القوة الشرائية للعملة، وزيادة الضغوط التضخمية، وتقليل قيمة مدخرات المواطنين، وتفاقم الفقر.
الدكتور عبد الرحمن محمد يضيف أن انتشار العملة المزورة يقضي على الثقة بالنظام النقدي، ويضعف تحصيل الضرائب، ويعزز عزلة سوريا المالية.
واجبات الدولة السورية
الدكتور عابد فضلية يؤكد على ضرورة تكثيف وتطوير أساليب ملاحقة عمليات التزوير من قبل السلطات الحكومية والرقابية، وتدريب وتأهيل العناصر الأمنية لفهم أسس مراحل عملية التزوير وكيفية القضاء عليها، وتعزيز التعاون بين مختلف الأجهزة الحكومية والجهات المالية والمصرفية والتسويقية والرقابية، بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص.
كيف يتعامل القانون السوري؟
المحامي منيب اليوسفي يشير إلى أن القانون السوري يفرق بين صانع العملة المزورة ومروجها، ويعاقب المزور بالأشغال الشاقة المؤقتة من 5 إلى 15 سنة، بينما تختلف عقوبة المروج حسب حالته النفسية والمعرفية.
ويضيف أن محاكم النقض في سوريا تشدد العقوبة على المزورين المحترفين، وتعتبرهم تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الوطني.
ويختتم بأن تزوير العملة ليس مجرد جريمة مالية، بل هو محاولة لاغتيال الثقة العامة وتفخيخ الاقتصاد الوطني.
يذكر أن مصرف سوريا المركزي قد أعلن مؤخرًا عن ضبط محال تجارية وأشخاص يمارسون أعمال الصرافة والحوالات دون ترخيص، ومصادرة أموال مزورة، ودعا المواطنين إلى عدم التعامل مع أي جهة غير مرخصة.