الأربعاء, 30 أبريل 2025 02:45 PM

بـ 15 ألف ليرة فقط: كيف حوّلت محاكم الأسد الميدانية شابًا إلى "إرهابي" وأودت به إلى صيدنايا

بـ 15 ألف ليرة فقط: كيف حوّلت محاكم الأسد الميدانية شابًا إلى "إرهابي" وأودت به إلى صيدنايا

في عالم نظام الأسد، لا تحتاج إلى كثير لتُتّهم بالإرهاب، فقط حفنة من الليرات تكفي. خمسة عشر ألف ليرة سورية – أي ما يعادل ثمن كيس طحين أو بعض عبوات الحليب – كانت كافية لتودي بـ"لؤي تيسير الزغلول" إلى أقبية الموت في سجن صيدنايا، بتهمة تمويل الإرهاب، دون أن يُمنح حتى حق الدفاع عن نفسه.

ولد لؤي عام 1981 في القنيطرة، وكان يعيش مع أسرته في حي بستان الدور بدمشق. في أحد أيام عام 2013، وأثناء عبوره حاجز الدفاع الوطني قرب نقطة مياه جرمانا، أوقفه عناصر الحاجز بقيادة المدعو "حسين شعيب"، وفتشوه ليجدوا بحوزته مبلغًا ضئيلاً من المال لا يتجاوز 15 ألف ليرة، كانت كل ما يملك في ذلك اليوم. المال الذي كان مخصصًا لشراء حاجيات بسيطة لطفلتيه "شام" و"لين"، صار تهمة بحد ذاته.

لم يُسمح للؤي بالعودة إلى بيته. خُطف من الحاجز، وسُلّم إلى معسكرات الدفاع الوطني، حيث أمضى أيامه الأولى في سجن الحرس الجمهوري بقاسيون، مسرحًا لحفلات التعذيب المعروفة. ثم نُقل إلى فرع الشرطة العسكرية في القابون، وظل فيه قرابة عامين دون محاكمة، دون محامٍ، ودون أي دليل. وفي غياب أي إجراءات قانونية، أُصدر حكم الإعدام بحقه من المحكمة الميدانية العسكرية الأولى، التي ترأس جلستها النقيب "سامر عباس"، دون أن يُستدعى لؤي حتى لحضور الجلسة. كانت التهمة: تمويل الإرهاب. والدليل: 15 ألف ليرة.

نُقل لؤي إلى سجن صيدنايا العسكري، وهناك بدأت فصول الجحيم الحقيقي. كان جسده الرياضي وعيناه المضيئتان بالأمل مصدر إزعاج للسجانين، الذين تفننوا في تعذيبه، حتى أصيب بعد شهر واحد بشلل نصفي، ولم يعد قادرًا على الحركة أو تناول الطعام بنفسه. ورغم حالته الجسدية المزرية، ظل لؤي متمسكًا بإنسانيته. كان في زنزانة الطابق الثالث – الجناح اليساري – غرفة رقم 5، وطلب من زملائه المعتقلين إيصال رسالة حب وشوق لطفلتيه، في حال كتب لأحدهم الخروج من الجحيم.

لم تعرف عائلة لؤي مصيره لسنوات. بقي مصيره مجهولًا حتى تمكن أحد الناجين من جحيم صيدنايا من التعرف عليه عبر وثائق نشرتها "زمان الوصل".

مشاركة المقال: