الجمعة, 16 مايو 2025 01:14 AM

بعد رفع العقوبات الأمريكية: المستثمرون يتطلعون إلى سوريا كفرصة واعدة لإعادة الإعمار

بعد رفع العقوبات الأمريكية: المستثمرون يتطلعون إلى سوريا كفرصة واعدة لإعادة الإعمار

من المتوقع أن يمثل رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بداية حقبة جديدة للاقتصاد السوري المدمر على مدى 13 عامًا من الحرب، مما يفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات من السوريين في الخارج، وتركيا، ودول الخليج الداعمة للحكومة الجديدة. صرح رجال أعمال ووزير المالية السوري ومحللون لرويترز أنهم يتوقعون تدفق رؤوس الأموال إلى الاقتصاد المتعطش لها بمجرد رفع العقوبات، وفقًا لإعلان الرئيس دونالد ترامب المفاجئ، على الرغم من التحديات الكبيرة التي لا تزال تواجه الدولة المنقسمة بشدة.

أفاد رجل الأعمال السوري الملياردير غسان عبود لرويترز بأنه يضع خططًا للاستثمار، ويتوقع أن يفكر سوريون آخرون ذوو علاقات تجارية دولية في ذلك أيضًا. وأضاف المقيم في الإمارات: "كانوا خائفين من القدوم والعمل في سوريا بسبب مخاطر العقوبات... هذا سيختفي تمامًا الآن". ومضى قائلًا: "أخطط بالطبع لدخول السوق لسببين: أولاً، أريد مساعدة البلاد على التعافي بأي طريقة ممكنة، وثانيًا، هناك أرض خصبة: فأي بذرة توضع اليوم قد تدر هامش ربح جيدًا".

عرض عبود خطة بمليارات الدولارات لدعم الفن والثقافة والتعليم في سوريا. وقد يعيد رفع العقوبات تشكيل الاقتصاد جذريًا في مسار جديد لحكام سوريا الجدد الذين اتبعوا سياسات السوق الحرة وابتعدوا عن نموذج تخطيط الدولة الذي اتبعته عائلة الأسد في خمسة عقود من حكمها.

فرضت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى عقوبات صارمة على سوريا أثناء الحرب التي اندلعت بسبب الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد في عام 2011. وأبقت واشنطن على هذه العقوبات بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق في ديسمبر، بينما كانت تصوغ سياستها تجاه سوريا وتراقب تصرفات الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، وهو قيادي سابق في تنظيم القاعدة.

حثت السعودية وتركيا، الداعمتان لحكومة الشرع، واشنطن على رفع العقوبات. وقال وزير الخارجية السعودي الأربعاء إن فرص الاستثمار ستكثر بمجرد حدوث ذلك. وفي خطاب أُذيع على التلفزيون في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا قرار تاريخي شجاع، مؤكدًا التزام سوريا بتعزيز المناخ الاستثماري. وأضاف: "نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات".

ترك الصراع مناطق حضرية كثيرة أنقاضًا وقتل مئات الآلاف من الأشخاص. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن أكثر من 90 بالمئة من السوريين البالغ عددهم 23 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

يقول تيموثي آش، المحلل الاستراتيجي البارز للأصول السيادية في الأسواق الناشئة في شركة "آر.بي.سي بلوباي" لإدارة الأصول: "هناك فرصة حقيقية لإحداث تغيير جذري في سوريا والمنطقة الأوسع". وقال أونور جنش، الرئيس التنفيذي لمجموعة "بي.بي.في.إيه" المالية العالمية التي تضم مصرف غرانتي، ثاني أكبر بنك خاص في تركيا، إن الشركات والبنوك التركية من المتوقع أن تستفيد من رفع العقوبات. وأضاف لرويترز: "بالنسبة لتركيا، سيكون الأمر إيجابيًا لأن هناك حاجة إلى عمليات إعادة إعمار كثيرة في سوريا. من يفعل هذا؟ الشركات التركية". ومضى يقول: "سيسمح رفع العقوبات للشركات التركية بالذهاب إلى هناك الآن بشكل أفضل بكثير، وستتمكن البنوك التركية من تمويلها، وهذا سيدعم الأمر".

دعمت تركيا قوات المعارضة السورية أثناء الحرب التي دمرت اقتصادًا متنوعًا ومنتجًا. وأظهرت بيانات سورية رسمية أوردها البنك الدولي في عام 2024 أن الاقتصاد السوري انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2021. لكن البنك قال إن هذا على الأرجح أقل من الواقع.

ارتفعت قيمة الليرة السورية منذ إعلان ترامب. وقال متداولون إن العملة تراوحت بين 9000 و9500 مقابل الدولار يوم الأربعاء، مقارنة مع 12600 في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقبل الحرب في عام 2011، كان الدولار يعادل 47 ليرة سورية.

وقال وزير المالية السوري محمد يسر برنية لرويترز إن مستثمرين من الإمارات والكويت والسعودية ودول أخرى قدموا استفسارات عن الاستثمار. وأضاف برنية لرويترز: "سوريا اليوم هي أرض الفرص، وهناك إمكانات كامنة هائلة في جميع القطاعات، من الزراعة إلى النفط والسياحة والبنية التحتية والنقل". وقال: "ندعو جميع المستثمرين إلى اغتنام هذه الفرصة".

ووصف كرم بشارة، المدير العام لبنك (شهبا بنك) وهو يشاهد في مكتبه بدمشق لقطات من اجتماع ترامب مع الشرع في الرياض يوم الأربعاء، الحماس الذي يسود مجتمع الأعمال قائلاً: "إنه رائع بشكل يفوق التصور". وقال: "نحن على المسار الصحيح الآن على الصعيد الدولي ما لم يحدث شيء في سوريا يعرقل العملية".

ما زالت الأوضاع في سوريا هشة. فبعض الجماعات المسلحة لم تسلم أسلحتها للحكومة بعد، ومطالب الحكم الذاتي من الأكراد نقطة خلاف، والعنف الطائفي جعل الأقليات تخشى من حكم الشرع رغم وعوده بتوفير الحماية والحكم بطريقة تشمل جميع الأطياف. وتعارض إسرائيل الشرع وتقول إنه ما زال من المتشددين. وقصفت إسرائيل سوريا مرات كثيرة.

وقال جهاد يازجي، وهو صحفي ومؤسس ورئيس تحرير "التقرير السوري" الإخباري الاقتصادي على الإنترنت، إن قرار الولايات المتحدة يمثل تحولًا جذريًا لأنه نقل "رسالة سياسية قوية جدًا" وفتح الطريق أمام عودة التكامل مع الخليج والمنظمات المالية الدولية والعدد الكبير من السوريين في الغرب.

وقال المستثمر اللبناني عماد الخطيب إنه يعجل بخططه للاستثمار في سوريا بعد إعلان ترامب. وتعاون الخطيب مع شركاء لبنانيين وسوريين في إجراء دراسة جدوى لإقامة مصنع لفرز النفايات في دمشق بقيمة 200 مليون دولار قبل شهرين. وأرسل في صباح الأربعاء فريقًا من المتخصصين إلى سوريا لبدء التحضيرات". وقال: "هذه هي الخطوة الأولى... وستتبعها خطوات أكبر إن شاء الله. وسنعمل بالتأكيد على جذب مستثمرين جدد لأن سوريا أكبر بكثير من لبنان".

(REUTERS)

مشاركة المقال: