أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في كلمته خلال قمة بغداد، رفض سوريا حكومة وشعباً لأي محاولات تهدف إلى زعزعة استقرارها أو تقسيم أراضيها، مشدداً على أن "أي مشروع يهدف إلى إضعاف الدولة السورية، أو تقسيمها تحت أي ذريعة كانت، هو مشروع مدان ومرفوض رفضاً قاطعاً من الدولة والشعب السوري بكل مكوناته".
وأشار إلى أن هناك أطرافاً تسعى لجر سوريا إلى حرب أهلية طويلة الأمد، مؤكداً أن سوريا لن تكون منطلقاً لتهديد أي طرف، وستظل ملتزمة بسيادتها الوطنية. وجدد الشيباني التزام سوريا باتفاقية ضبط الحدود في الجولان المحتل لعام 1974، التي تضمن الحد الأدنى من الاستقرار في تلك المنطقة الحساسة، مؤكداً أن "الحفاظ على أمن جنوب سوريا جزء لا يتجزأ من أمن سوريا ووحدة أراضيها".
وأدان الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في جنوب سوريا، واصفاً إياها بـ"الخرق الصارخ للقانون الدولي ولأبسط مبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، محذراً من أن هذه الاعتداءات تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي وتعرقل مساعي التهدئة، مما قد يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى في المنطقة.
ودعا الشيباني إلى موقف عربي موحد لدعم حق سوريا في استعادة سيادتها الكاملة على كامل أراضيها، قائلاً: "نمد أيدينا لكل الأشقاء العرب ونتطلع لموقف عربي موحد لدعم حق سوريا في استعادة سيادتها الكاملة". وأكد أن عروبة سوريا جزء أصيل من وجدان الأمة العربية، مشيراً إلى أن المواقف العربية الداعمة خلال هذه المرحلة الدقيقة تعكس هذا الارتباط العميق.
وأشاد الشيباني برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، واصفاً إياها بـ"خطوة مهمة في طريق التعافي الوطني وإعادة الإعمار"، ومؤكداً أنها تعكس جهداً دبلوماسياً عربياً صادقاً أثمر نتائج ملموسة. وأضاف أن رفع العقوبات ليس نهاية المطاف، بل بداية طريق يأمل أن يكون معبداً بالتعاون الحقيقي وتكامل الجهود العربية لتحقيق التنمية، وصون الأمن القومي العربي، وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وأشار إلى أن سوريا دفعت ثمناً باهظاً نتيجة سياسات نظام الأسد السابق، مؤكداً أن الحكومة الحالية تعمل على بناء سوريا لكل السوريين. وخص الشيباني بالشكر والامتنان المملكة العربية السعودية وتركيا على وساطتهما الفعالة التي جاءت في لحظة تاريخية مفصلية، معرباً عن تقديره لدولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودول مجلس التعاون الخليجي كافة، ولكل دولة عربية وقفت إلى جانب سوريا في هذه المرحلة الحرجة.
وأكد الشيباني أن سوريا تعمل على وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق برلمان وطني يمثل كل السوريين، بالإضافة إلى مواصلة الجهود لكشف مصير المفقودين وتحقيق العدالة الانتقالية. وأشار إلى نجاح سوريا في تشكيل حكومة شاملة تعكس الإرادة الشعبية، مؤكداً أن "سوريا لكل السوريين".
وفي سياق متصل، عبر الشيباني عن تضامن سوريا مع غزة، قائلاً: "نداء غزة الجريحة المحاصرة المنكوبة نسمعه بين ضلوعنا ونراه في عيون أطفالنا". وأضاف أن الوقت قد حان لأن تنعم المنطقة بالسلام، وأن تحيا شعوبها بالكرامة، وأن تعود البوصلة إلى اتجاهها الصحيح.
وختم الشيباني كلمته بالتأكيد على أن سوريا لن تقبل الوصاية، ولن تكون ساحة لصراعات الآخرين، مشدداً على أن الحكومة والشعب السوري يقفان معاً في وجه كل محاولات زعزعة الاستقرار، مؤكداً التزام سوريا بتعزيز الاستقرار الإقليمي والعمل من أجل مستقبل آمن ومزدهر لشعبها وللمنطقة بأسرها.
وانطلقت، اليوم السبت، أعمال القمة العربية العادية الرابعة والثلاثين، إضافة إلى مؤتمر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامس، وذلك في العاصمة العراقية بغداد، والتي تتزامن مع الظروف الإقليمية والدولية المتسارعة التي تشهدها المنطقة.