الخميس, 1 مايو 2025 03:49 PM

السلم الأهلي في سوريا: مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين لتحقيق الاستقرار والتنمية

السلم الأهلي في سوريا: مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين لتحقيق الاستقرار والتنمية

من حق المواطن أن يعيش كريما معززا في وطنه، وجميع دساتير الدول تضمن ذلك لمواطنيها، وكثيرة هي الحاجات المستوجب توفرها لضمان الحياة السعيدة التي هي من حق المواطن ويطمح لها. وهذه الحاجات ليست مقتصرة على الطعام والشراب واللباس والسكن والتعليم والعمل والاستشفاء وبعض الخدمات الأخرى المادية كما يرى البعض، بل إن للحاجات المعنوية أهمية كبرى بل وأساسية جدا، وتعتبر الحاجة الأمنية في طليعة هذه الحاجات، وأي انتقاص من تحقيق الحالة الأمنية ينعكس سلبا على تحقيق العديد من الحاجات الأخرى.

ولكن المؤسف أن واقع الحال يظهر وجود حالات خلل أمني مشكو منها في أكثر من منطقة، وقد انعكس ذلك سلبا على المواطنين الذين يشكون من الخلل الأمني على خط سفرهم إلى عملهم الوظيفي أو الخاص، ما جعل بعضهم يتغيب عن بعض أيام عمله أو يعزف عن الالتحاق بعمله كلية، وآخرون أصبحوا يذهبون بحذر للعمل في حقولهم الزراعية لأيام أو قد لا يذهبون، ما انعكس ذلك سلبا على الإنتاج. وانعكس الخلل الأمني على بعض الطلاب الذين يدرسون بعيدا عن مناطق سكنهم، أكان داخل محافظتهم أو خارجها، فبعضهم عزف عن تقديم بعض مواد الامتحان، وبعضهم أوقف تسجيله عن كامل العام وربما بعضهم عزم الانقطاع كلية عن متابعة الدراسة وخاصة بالنسبة لشريحة الإناث، والخلل الأمني أضعف حركة التنقل ما أثر سلبا على تخفيض ساعات أو أيام عمل أصحاب آليات النقل ما تسبب في نقص الدخل الشهري المعتاد للحياة المعيشية لأسرهم.

والطامة الكبرى لحقت بأولئك المئات أو الآلاف الذين هجّروا مساكنهم كلية نتيجة الخلل الأمني، وهناك أحاديث أنه قد طال هذا التهجير الخطير كامل سكان أكثر من قرية في أكثر من منطقة.

مدعاة للسرور أن الحكومة قلقة من حالات الخلل الموجودة وتتحسس مدى خطورة عواقبها الآنية والمستقبلية، ما دفع السيد رئيس الجمهورية لأن يلتقي مع المحافظين لمناقشة واقع الخدمات العامة وخطط التنمية المحلية في مختلف المناطق، والاستماع لاحتياجات المواطنين والعمل على تحسين مستوى الخدمات، بالإضافة لبحث آليات التنسيق بين الجهات المركزية والمحلية، واعتماد حلول مبتكرة لتذليل العقبات، وأعقب ذلك توجيهاته لوزير الداخلية باللقاء مع المحافظين وبحث سبل ووسائل تعزيز السلم الأهلي بمختلف المناطق السورية والتأكيد على أهميته باعتباره ركيزة أهلية لاستقرار المجتمع وتدعيم مسيرة التقدم والبناء، خاصة وأن المادة 13 من الإعلان الدستوري لسوريا 2025 تقول: تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة وتصون الدولة حرمة الحياة الخاصة، وكل اعتداء عليها يعد جرما يعاقب عليه القانون، وللمواطن حرية التنقل، ولا يجوز إبعاد المواطن عن وطنه أو منعه من العودة إليه.

والجديد المهم الأهم الفتوى الكريمة الني صدرت مجددا عن المفتي العام للجمهورية العربية السورية والتي تنص على أن الدم السوري للسوري حرام وتحض على المزيد من السلم الأهلي وضمان العيش الكريم لجميع فئات المواطنين السوريين، فالأمان والسلم الأهلي مطلب وطن ومواطنين، ومن حق كل مواطن أن يبقى في عمله ومسكنه المعهودين ما رغب ذلك، وأن يتنقل بينهما وفي أية منطقة سورية ريفا ومدينة آمنا مطمئنا، وأي انتقاص من ذلك خطر جدا على الحكومة والشعب معا، وإن يكن من واجب الحكومة أن تكون هي المعني الأول في فرض الحالة الأمنية العامة التي تؤسس لتحقيق هذا السلم، إلا أن واجب الحكومة هذا يستوجب أن يكون مقرونا بواجب مرافق وملازم من المواطنين الذين عليهم الالتزام بتوجيهات الحكومة القاضية بذلك قانونا مشروعا، بعيدا عن أية إساءة أيا كان نوعها، وألا يسيئوا لبعضهم البعض وألا يتملك أيا منهم شعور بأن الحكومة تناصر باطله على حق أخيه تحت أية حجة كانت، وكما أن حق الحكومة وواجبها يقضيان منع المواطن المسيء من الإساءة لها، فأيضا من حقها وواجبها منع ارتكاب أية إساءة بحق المواطن على أخيه، فالوطن ينهض بجناحيه الشعبي والرسمي معا، والأمل بأن يجهد المحافظون لتحقيق السلم الأهلي المنشود، وعودة كل لعمله ومدرسته ومسكنه وضمان تنقله بأمان: ” فأبناء أبناء الشعب السوري بكل مكوناتهم يأملون تسريع وتائر الانتقال من ثقافة الإقصاء والعنف والقتل والتكفير والانتقام و(المجموعات)، إلى ثقافة الحوار والمواطنة والعدل والأمن والأمان والسلام و(الدولة)، لأن ذلك من شأنه حمايتهم وحماية بلدهم من أي شر”، ولا يخفى على ذي بصيرة أن الأمان والإيمان مشتقان من كلمة واحدة هي آمَن، وقد جاء في النص القرآني قوله تعالى: وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم (سورة البقرة / 143 ) ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ( سورة المائدة / 5 ).

مشاركة المقال: