رشا عيسى: بينما تتطلع سوريا إلى تجاوز آثار الحرب والتحديات الاقتصادية والمعيشية الصعبة، يثار تساؤل جوهري حول شكل "سوريا الجديدة" ورؤيتها المستقبلية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى تحديد النموذج الاقتصادي الأنسب للمرحلة المقبلة.
دعا الباحث السياسي والاقتصادي نبيل الملاح إلى ضرورة صياغة رؤية واضحة المعالم لسوريا الجديدة، رؤية تستمد قوتها من النسيج السوري المتنوع وتستفيد من فرص التعاون والانفتاح الدولي. وحذر في الوقت نفسه من التسرع في تبني نماذج اقتصادية جاهزة ومستوردة، مثل "اقتصاد السوق الحر"، معتبراً أنه قد لا يمثل الخيار الأمثل في هذه المرحلة الحساسة.
كما طرح الملاح مجموعة من التساؤلات الهامة حول القرارات الاقتصادية الأخيرة وتأثيراتها المباشرة على حياة المواطنين، داعياً إلى إجراء تقييم شامل للسياسات الاقتصادية المتبعة حالياً.
التمييز بين الاستثمار وإعادة الإعمار
أوضح الملاح لـ«الحرية» أهمية التفريق بين المشاريع الاستثمارية التي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، ومشاريع إعادة الإعمار التي تتطلب دعماً دولياً واسع النطاق. وهو ما أكده أيضاً السيد رئيس الجمهورية أحمد الشرع.
الانفتاح الاقتصادي وتحديد سعر الصرف
وفي سياق الحديث عن الانفتاح الاقتصادي وعودة سوريا إلى الساحة الدولية، أكد الملاح على ضرورة إجراء تقييم دقيق للمركز المالي للدولة، باعتبارها خطوة أساسية لتحديد سعر صرف حقيقي لليرة السورية يعكس الواقع الاقتصادي.
واقترح الملاح تنظيم ندوة حوارية موسعة تضم خبراء اقتصاديين وأعضاء الفريق الاقتصادي الحكومي، بهدف عرض وجهات نظرهم بوضوح حول اقتصاد السوق الحر. وأعرب عن اعتقاده بأن هذا النموذج الاقتصادي قد لا يكون مناسباً للاعتماد عليه بشكل كامل في المرحلة الراهنة، محذراً الحكومة من التسرع في تبني هذا النموذج قبل تفعيل مؤسسات الدولة وترسيخ سيادة القانون. ومع ذلك، أشار إلى إمكانية تبني بعض آليات اقتصاد السوق الحر ضمن رؤية واضحة ومحددة.
وانتقد الملاح القرارات التي يتخذها الفريق الاقتصادي، معتبراً أنها تعكس "غياب رؤية سياسية اقتصادية شاملة" للمرحلة الحالية، وأنها تدل على تبني متسرع لاقتصاد السوق الحر. وأكد أن اقتصاد السوق الحر لم يحقق النجاح إلا في الدول الغنية التي تمتلك تراكمات رأسمالية ضخمة وموارد كافية، وتتبنى سياسات متوازنة في تحديد الرواتب والأجور، وتوفر أنظمة ضمان صحي واجتماعي تحقق العدالة لذوي الدخل المحدود.
قرارات «الانفتاح الاقتصادي» وتأثيرها على المعيشة
أشار الملاح إلى أن بعض القرارات التي اتخذت تحت عنوان "الانفتاح الاقتصادي"، مثل فتح باب استيراد السيارات وإدخال سيارات فارهة، ورفع أسعار الكهرباء، جاءت في وقت كان الشعب ينتظر فيه التركيز على تحسين الأوضاع المعيشية وتأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة الأساسية.
وشدد على أن قرار رفع أسعار الكهرباء كان صادماً، خاصة بالنسبة للاستهلاك المنزلي، داعياً الحكومة إلى إلغاء هذا القرار الذي لا يتناسب مع دخل معظم الشعب السوري الذي ما زال يعيش بالقرب من خط الفقر، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءاً كبيراً من السوريين يعيشون دون دخل.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية