دمشق-سانا: في عصر يزداد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، تظل حكايات الحرف اليدوية شاهدة على عراقة التراث وجمال الإبداع. من بين هذه القصص الملهمة، تبرز حكاية نعيمة مدخنة، السبعينية القادمة من يبرود، التي استطاعت أن تحوّل موهبتها في الكروشيه إلى مصدر رزق وإلهام.
من التراث إلى الإبداع
كرست نعيمة وقتها لتطوير مهاراتها في حياكة الخيوط وصنع الحقائب اليدوية والملابس المتنوعة بالكروشيه، مستلهمة خبرتها من والدتها. وبهذا، تحافظ على تقاليد الحرف اليدوية التي تنتقل من جيل إلى جيل، كما صرحت خلال حديثها لسانا.
وقالت: "أمارس الكروشيه منذ سنوات، وأتقن هذه الحرفة التي تعلمتها من والدتي، التي كانت مرجعنا في العائلة في مجال الحرف اليدوية منذ الصغر، وقد علمتنا الصبر والدقة في العمل".
الكروشيه مصدر رزق واستقلال مادي
أضافت نعيمة: "العمل يحتاج إلى دعم، خاصة في التسويق وبيع المنتجات. فبدون دعم المجتمع والأسرة، لا يمكن الاستمرار. الآن أعمل لحسابي الخاص وأعرض منتجاتي، وأسعى لتطوير التصاميم باستمرار لتكون جذابة وتواكب الذوق المحلي".
وتحدثت نعيمة عن صعوبة الموازنة بين العمل والحياة اليومية، مشيرة إلى أنها عملت سابقاً في وظائف مختلفة، بما في ذلك الحلاقة النسائية، لكنها وجدت في الكروشيه فرصة لتحقيق الاستقلال المادي.
تحديات التسويق
عن التحديات التي تواجهها، أوضحت نعيمة: "في بعض الأحيان، يكون تسويق المنتجات والوصول إلى العملاء صعباً، لكن التجربة تعلمنا الصبر والإبداع. أحاول أن أجعل كل قطعة أصنعها مميزة وجميلة لتنال إعجاب الزبائن". وأشارت إلى أنها تسوق منتجاتها من خلال البيع المباشر والمعارض، وآخرها مشاركتها في مهرجان العسل السوري الذي أقيم مؤخراً في مدينة تشرين الرياضية بدمشق.
نقل الخبرة للأجيال القادمة
اختتمت نعيمة حديثها بالتأكيد على أهمية استمرار هذه الحرف التقليدية، قائلة: "الحرفة تعلمنا الصبر والانضباط، وهي جزء من تراثنا. أحاول نقل هذه الخبرة إلى الأجيال القادمة، لتبقى الحرف اليدوية حية وتستمر في منح الناس فرصة للعمل والإبداع".
من خلال هذا العمل، لم تحافظ نعيمة على التراث فحسب، بل تمكنت أيضاً من تأمين مصدر دخل مستقل، لتكون مثالاً على قدرة المرأة على الجمع بين الإبداع والعمل المستمر رغم تحديات الحياة.