الأحد, 23 نوفمبر 2025 01:05 AM

حملة "فداء لحماة" تتجاوز 210 ملايين دولار: تبرعات قياسية لدعم المحافظة

حملة "فداء لحماة" تتجاوز 210 ملايين دولار: تبرعات قياسية لدعم المحافظة

تجاوزت التبرعات لحملة "فداء لحماة" حاجز الـ 210 ملايين دولار أمريكي، وذلك خلال حفل إطلاق الحملة الذي أقيم يوم السبت 22 تشرين الثاني في الملعب "المعشب" بمدينة حماة وسط سوريا، بحضور عنب بلدي. وبهذا الرقم، تكون الحملة قد تخطت جميع الحملات السابقة التي نُظمت في المحافظات السورية، وعلى رأسها حملة "الوفاء لإدلب" التي جمعت 208 ملايين دولار.

المساهمة الأكبر كانت من مؤسسة "أبي الفداء للتنمية" بمبلغ 80 مليون دولار، بالإضافة إلى تبرعات فردية ومن مؤسسات أخرى، أبرزها "منظمة المجتمعات المدني" التي قدمت تبرعًا تجاوز 24 مليون دولار، تليها مؤسسة "الآغا خان" بتبرع قدره 15 مليون دولار.

أما على صعيد التبرعات الشخصية، فقد تصدر القائمة الداعية الحموي، عدنان العرعور، بمبلغ 6.5 مليون دولار، في حين تبرعت عائلة عبد الرزاق بمبلغ 6.25 مليون دولار.

شهدت الفعالية حضور شخصيات حكومية رفيعة المستوى، من بينهم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بالإضافة إلى مسؤولين كوزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي النعسان، والمحافظ عبد الرحمن السهيان، وجميعهم من محافظة حماة. كما حضر وزراء الداخلية والسياحة والإعلام والثقافة والصحة، والمستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية.

تهدف محافظة حماة من خلال هذه الحملة إلى دعم المناطق المتضررة، ومواصلة العمل في مختلف القطاعات لتحقيق ما وصفته بـ "تطلعات المواطنين وتخفيف معاناة الأهالي وتسهيل عودة المهجرين رغم ضخامة التحديات"، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا).

الشرع: "دين في عنق السوريين لحماة"

على الرغم من أن مدينة حماة لم تشهد دمارًا خلال سنوات الثورة السورية، إلا أن الأرياف المحيطة بها، وخاصة الشمالية، عانت من دمار واسع نتيجة العمليات العسكرية وقصف النظام السوري السابق. ووفقًا لأطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR) في عام 2019، فقد تم تدمير 9459 مبنى بشكل كامل في محافظة حماة، بالإضافة إلى 404 مبانٍ مدمرة بشكل بالغ، و666 مبنى مدمرًا بشكل جزئي، ليصبح المجموع 10529 مبنى متضررًا.

تحتل محافظة حماة مكانة رمزية، حيث شهدت مجازر في عهد الأسدين، حافظ الأسد وابنه الرئيس المخلوع بشار الأسد، إذ وقعت مجازر عام 1982 راح ضحيتها نحو 40,000 شخص.

الرئيس الشرع، وخلال مشاركته في الحملة، صرح بأن "جرح حماة لم يكن يعني أهل حماة بل يعني كل السوريين، وهو جرح استمر لأكثر من 40 سنة". وأضاف أن "هناك دين في عنق السوريين لحماة وواجب علينا اليوم أن نسد هذا الدين"، وأنه "كما أعطت حماة درسًا في التضحية والفداء يجب أن تعطي درسًا في البناء".

الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال حملة وفاء لحماة – 22 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)
الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع خلال حملة وفاء لحماة – 22 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

حملات سابقة

تعتبر حملة "فداء لحماة" امتدادًا لحملات سابقة انطلقت في عدة محافظات سورية بمشاركة رجال أعمال وشخصيات مجتمعية، ومنظمات مدنية، تحت إشراف الحكومة. وكانت باكورة الحملات، حملة "أربعاء حمص"، في 13 من آب الماضي، والتي وصلت إلى مبلغ 13 مليون دولار خلال حفل إطلاقها.

وفي درعا، وصلت قيمة التبرعات لحملة "أبشري حوران" إلى أكثر من 36 مليون دولار خلال حفل إطلاقها، في 30 من آب الماضي. وفي 11 من أيلول، انطلقت حملة "دير العز" ليصل المبلغ فيها إلى ما يقارب الـ 30 مليون دولار خلال اليوم الأول. وانطلقت حملة "ريفنا بيستاهل" في ريف دمشق، في 20 من أيلول الماضي، وكسرت التبرعات فيها التوقعات لتصل إلى أكثر من 76 مليون دولار. وحملة "الوفاء لإدلب" التي انطلقت في 26 من أيلول الماضي، استطاعت جمع أكثر من 208 ملايين دولار أمريكي خلال حفل إطلاقها. كما أطلقت حملة "حلب ست الكل" ويتوقع أن يعلن عن نتائجها منتصف شهر كانون الأول المقبل، وسط توقعات بجمع نحو مليار دولار.

ما تأثير هذه الحملات؟

المدير العام للخدمات المصرفية الخاصة لإدارة الشرق الأوسط في بنك "ستاندرد تشارترد"، نبال نجمة، قال إن التوجه الحكومي لهذه الحملات هو اعتراف غير مباشر بالواقع الاقتصادي الصعب، إذ يهدف هذا النشاط إلى تعزيز التكافل الاجتماعي، وتنويع الموارد المالية اللازمة لتغطية تكاليف إعادة الإعمار، والتي هي عملية إجمالية، تتطلب تضافر الجهود الحكومية والشعبية في آن واحد.

وأضاف نجمة، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن هذه الحملات تنسجم مع خطاب الاعتماد على الذات الذي تروج له الحكومة، وتقدم دليلًا على صمود المجتمع، وقدرة الشعب السوري، في الداخل والخارج، على تمويل نفسه بنفسه.

بالمقابل، يرى رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، سمير العيطة، أن الدولة فشلت في دعم المواطنين ورعاية المشاريع التنموية، وبالتالي توجه المواطنون للحملات الشعبية، وما قامت به الدولة السورية هو استثمار هذه الحملات إعلاميًا فقط.

وقال العيطة لعنب بلدي في تقرير سابق، إن هذه التحركات لها دلالتها، وهي أن المجتمع يحتاج إلى مؤسسات دولة قريبة منه لتأمين حياته، ومن المهم أن تأخذ هذه التحركات طريقًا مؤسساتيًا، أي أن توضع التبرعات المجمّعة، أو أي معونات خارجية، في ميزانيات المجالس المحلية، وتتم مراقبة صرفها وتنفيذ الأولويات، لا أن تكون وسيلة للنفوذ المباشر أو عبر "جمعيات".

مشاركة المقال: