تشكل حديقة البطرني في اللاذقية واحة طبيعية تحتضنها الأحياء العريقة، حيث تلتف حول جامع البطرني التاريخي الذي يعود إلى عام 1277 ميلادي. هذا الموقع يمثل نقطة التقاء روحانية وتراثية للسكان والزوار الذين يبحثون عن السكينة والطبيعة والذكريات العميقة في وجدان المدينة.
خطط لتطوير الحديقة والمناطق المحيطة بها
أوضح إمام جامع البطرني، حسن عبد الله قصاب، في تصريح لمراسل سانا، أن الجامع سمي نسبة إلى محمد فارس البطرني، قائد البحرية في عهد الملك الظاهر بيبرس، والذي توفي في الإسكندرية وأوصى بأن يدفن في هذا المكان لما كان يحظى به من مكانة دينية واجتماعية. وأشار إلى وجود دراسة مع مديرية الأوقاف لإنشاء مصلى خلفي للنساء وقاعة للعزاء، بالإضافة إلى خطط لتحسين العناية بالحديقة وتطوير محيطها الخدمي.
معلم تاريخي وجزء من ذاكرة المكان
أشار المواطن معمر أبو زينب إلى أن الحديقة، التي يعود تاريخها إلى حوالي 120 عامًا، هي مساحة يلتقي فيها السكان من مختلف أحياء اللاذقية. وأكد أن المكان يعتبر من المعالم الحية للمدينة، وكان في الماضي متصلاً بالبحر مباشرة قبل إنشاء المرفأ، موضحًا أن الحديقة حافظت على جاذبيتها رغم التغيرات العمرانية المحيطة.
وأضاف أبو زينب أن الأشجار المعمرة التي تظلل الحديقة تعود إلى عقود مضت وتشكل جزءًا من ذاكرة المكان، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الطابع التراثي للحديقة من خلال ترميم بعض عناصرها الخدمية والاهتمام بأشجارها.
استعادة الذكريات والتواصل الاجتماعي
أما المواطن محسن كناني، الذي يزور الحديقة منذ طفولته، فيقول إن الأشجار التي يراها اليوم هي نفسها التي عرفها منذ أكثر من خمسين عامًا، حيث يستظل بظلالها هو وأبناؤه وأحفاده. وأضاف أن العائلات من المدينة وريفها تجتمع أسبوعيًا في الحديقة، حيث يلعب الأطفال في بيئة آمنة، وتستمتع العائلات بالهواء الطلق، مؤكدًا أن الإقبال كبير ومستمر لما يوفره المكان من راحة نفسية وتآلف وتواصل اجتماعي.
ووفقًا لزوار الحديقة، تشهد الحديقة مستوى جيدًا من النظافة والتنظيم، ويظهر فيها تعاون العاملين في استقبال الزوار والحفاظ على النظام، مما يجعلها وجهة مفضلة في مختلف الفصول بفضل طقسها المعتدل وأجوائها الهادئة.