السبت, 22 نوفمبر 2025 01:40 PM

تركيا تحذر من مخاطر الوضع في سوريا وتنتقد الدور الإسرائيلي وتشكك في ضمانات أمريكا

تركيا تحذر من مخاطر الوضع في سوريا وتنتقد الدور الإسرائيلي وتشكك في ضمانات أمريكا

تواصل أنقرة جهودها الحثيثة لإعادة صياغة المشهد السوري بما يخدم مصالحها، في ظل تعقيدات عدة أبرزها ملف السلاح الكردي المرتبط بـ«حزب العمال الكردستاني» أو «قوات سوريا الديمقراطية». وبينما تتداول أنباء عن زيارة مرتقبة لوفد برلماني معني بالملف الكردي إلى جزيرة إيمرالي للقاء عبدالله أوجالان، قائد «العمال الكردستاني» المعتقل منذ عام 1999، تعوّل تركيا على اختراق هذا الجدار السياسي والنفسي واستغلال القضية الكردية كورقة ضغط إقليمية، خاصة في الساحة السورية. وترى أنقرة أن معالجة التهديدات القادمة من «قسد» جزء أساسي من مشروع «تركيا الخالية من الإرهاب» في الداخل.

ذكرت صحيفة «حرييات» أن عناصر «الكردستاني» بدأوا الانسحاب الكامل من منطقتي وادي الزاب ومتينا شمال العراق، مما يقلل احتمالية وقوع أي صدام مستقبلي مع الجيش التركي المنتشر هناك. وفي المقابل، تشير الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تستعد لتغيير موقفها من أكراد سوريا، عبر دمج «قسد» في الجيش السوري وتسليم مهمة محاربة «داعش» للجيش النظامي، خاصة بعد موافقة دمشق على الانضمام إلى «التحالف الدولي». وتؤكد الصحيفة أن واشنطن تتعامل بجدية مع تحذيرات أنقرة من بقاء «قسد» قوة مسلحة مستقلة، وتعمل بهدوء على تسوية ملف معتقلي «داعش» بالتعاون مع الدول المعنية لإعادتهم، تمهيدًا لوضع السجون تحت إدارة الحكومة السورية.

لكن مصادر تركية ترى أنه لا توجد ضمانات لنجاح الجهود الأميركية، وهو ما يدفع أنقرة لتجديد تحذيراتها من خطر استمرار الوجود العسكري الكردي في سوريا، مع التلميح المتكرر إلى إمكانية تنفيذ عملية عسكرية إذا لم تستجب «قسد» لمطلب تسليم السلاح والاندماج في الجيش السوري. وقد أكد وزير الخارجية التركي حاقان فيدان هذا الموقف مؤخرًا، قائلاً إن تركيا «لن تسمح بوجود أي تشكيل عسكري يهدد أمنها». وردًا على ذلك، صرح مظلوم عبدي، قائد «قسد»، خلال مؤتمر في دهوك بأن سوريا «لن تعود إلى المركزية القديمة التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد»، فيما رأت إلهام أحمد، من «الاتحاد الديمقراطي»، أن دمشق تسعى لاستعادة السيطرة على كامل البلاد.

تخشى تركيا من أن يؤدي دعم إسرائيل المتواصل لـ«قسد» إلى إدخال سوريا في مسار «بلقنة» ترفضه أنقرة بشدة. وقد عززت زيارة بنيامين نتنياهو للمناطق السورية المحتلة وتصريحاته هناك هذه المخاوف. ومع ذلك، تراهن أنقرة على أن واشنطن لن تسمح بتوسع الدور الإسرائيلي إلى هذا الحد. لذا تتطلع تركيا إلى حوار ثلاثي يضمها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف دفع «قسد» نحو الاندماج في الجيش السوري وتقليص النفوذ الإسرائيلي شمال البلاد.

يرى الكاتب فؤاد بول في مقال بصحيفة «ميللييات» أن على الإدارة الأميركية «لجم إسرائيل»، محذرًا من أن تجاهل ذلك قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين أنقرة وتل أبيب. ويشير إلى أن الولايات المتحدة تخوض صراعات متعددة حول العالم، بينما تعتبر تركيا لاعبًا محوريًا في كل تلك الساحات، مما يجعل واشنطن بحاجة للحفاظ على تحالفها مع أنقرة. ويضيف بول أن سوريا قد تنزلق مجددًا إلى حرب داخلية، وأن الفرصة الأكبر أمام القيادة الجديدة في دمشق ترتبط بوجود الرئيس رجب طيب إردوغان، لأن «أمن سوريا من أمن تركيا»، على حد تعبيره، موضحًا أن إنهاء الإرهاب في المنطقة لن يتحقق إلا بدمج «قسد» في مؤسسات الدولة.

جدد إردوغان هذا الموقف في خطابه أمام نواب «العدالة والتنمية»، مؤكدًا أن تركيا ستواصل دعمها لسوريا من أجل بناء دولة مستقرة وآمنة. وأشار إلى أن المدن السورية الكبرى لطالما حملت تأثيرًا ثقافيًا تركيًا واضحًا، قبل أن يضيف بأن استدعاء روايات «طعن العرب للدولة العثمانية» لم يعد مجديًا، وأن تركيا اليوم تتحرك برؤية حضارية تشمل جغرافيا أوسع من مجرد حدودها السياسية.

ويرى مراقبون أن هذه الرسائل موجهة أيضًا للمعارضة التركية التي لا تزال تحذر من الانخراط في «مغامرات» خارج الحدود.

الأخبار اللبنانية

مشاركة المقال: