الخميس, 20 نوفمبر 2025 11:50 PM

الحجر الأسود تحت وطأة العزلة الرقمية: غياب الاتصالات يفاقم معاناة الأهالي

الحجر الأسود تحت وطأة العزلة الرقمية: غياب الاتصالات يفاقم معاناة الأهالي

يعاني سكان الحجر الأسود في ريف دمشق من عزلة رقمية شديدة، حيث أصبحت المنطقة شبه خالية من تغطية شبكات الهاتف المحمول، وذلك نتيجة لتدمير أبراج الاتصالات وسرقة المعدات خلال سنوات الحرب. هذا الغياب للشبكات الفعالة يحرم الأهالي من أبسط حقوقهم في التواصل، مثل إجراء مكالمة هاتفية أو استخدام الإنترنت في معظم الأحياء.

علاء، وهو طالب جامعي من أبناء المنطقة، يوضح أن مركز الاتصالات المحلي قد "تدمّر بالكامل تقريبًا"، مما أدى إلى خروج الكوابل الرئيسية والفرعية عن الخدمة. ويضيف: "حتى لو صعدنا إلى أسطح المنازل، لا يمكننا التقاط الشبكة. لا توجد أبراج، والمركز غير صالح للاستخدام". ويشير إلى أن الوعود التي تلقاها السكان من شركات الاتصالات بإعادة بناء الأبراج أو ترميمها "ما زالت مجرد كلام"، لافتًا إلى وجود دراسة لمد كابل ألياف ضوئية (فايبر)، لكنها تسير ببطء شديد بسبب الدمار الذي لحق بالحي ونقص الموارد.

مع الغياب التام لشركتي سيريتل و MTN عن المنطقة، اضطر السكان إلى اللجوء إلى الإنترنت الهوائي كحل بديل، ولكنه حل مكلف للغاية. يذكر علاء أنه اضطر إلى دفع 520 ألف ليرة سورية لتركيب خط هوائي، بالإضافة إلى اشتراك شهري قدره 100 ألف ليرة، معلقًا: "من يملك المال يستطيع تدبر الأمر، أما من لا يملك المال فلا يمكنه الحصول على الإنترنت أو التواصل". تتراوح الاشتراكات الشهرية بين 75 و 175 ألف ليرة سورية حسب الباقة، بينما تصل تكلفة تركيب صحن إنترنت على سطح المنزل إلى مليون ونصف ليرة سورية، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم العائلات التي خرجت من الحرب بمداخيل ضعيفة وفرص عمل محدودة.

أم محمد، وهي أم لطلاب مدارس، تشير إلى أن ضعف الإنترنت يؤثر بشكل مباشر على تعليم أطفالها: "لا يستطيعون تحميل الواجبات، والاتصال بالمدرسة ينقطع باستمرار. لم نعد نعرف كيف سيتعلمون بدون الإنترنت".

يطالب الأهالي باتخاذ خطوات فورية لإعادة بناء الأبراج، وتركيب بطاريات ومولدات لضمان استمرار الخدمة، وتنظيم أسعار الإنترنت الهوائي. يلخص أبو وسيم، أحد سكان الحي، المعاناة بقوله: "لقد أصبحنا معزولين عن العالم. الإنترنت ليس رفاهية، بل حاجة يومية للعمل والتعلم والتواصل".

تعيش الحجر الأسود اليوم عزلة رقمية تزيد من القلق اليومي للسكان، وتحرمهم من حق أساسي في الاتصال والتعلم والعمل، بينما تبقى الحلول بطيئة والوعود معلقة، في انتظار خطوة فعلية تعيد لهذا الحي تواصله مع العالم.

مشاركة المقال: