الخميس, 20 نوفمبر 2025 06:23 PM

إرهاق الطلاب: هل يتحول التعليم إلى عبء لا يطاق؟ خبراء يحذرون من الدوام الطويل والدروس الخصوصية

إرهاق الطلاب: هل يتحول التعليم إلى عبء لا يطاق؟ خبراء يحذرون من الدوام الطويل والدروس الخصوصية

يئن طلاب اليوم تحت وطأة نظام تعليمي مرهق، حيث يمتد يومهم الدراسي لساعات طويلة، ثم يواجهون عبئاً إضافياً في المنزل يتمثل في الدروس الخصوصية والواجبات المكثفة. هذا التراكم من الضغوط لا يؤثر فقط على الجسد، بل يخمد شغف التعلم ويحول التعليم إلى مجرد سباق للحصول على درجات مؤقتة، مما يدفع الطالب إلى الاعتماد على الحفظ بدلاً من الفهم العميق.

الأهالي أيضاً يعيشون حالة من القلق المستمر بسبب ضعف العلامات أو عدم القدرة على سد الفجوات التعليمية، مما يزيد الضغط على الأبناء ويجعل المنزل امتداداً للمدرسة، بدلاً من أن يكون ملاذاً للراحة والاسترخاء. الأخصائية التربوية رنا يزبك تحذر من هذه الحلقة المفرغة التي يعيشها الطالب، قائلة: "دوام طويل في المدرسة، ثم واجبات منزلية، ثم دروس خصوصية غالباً لسد فجوات سببها الإرهاق نفسه. الطفل بحاجة إلى استراحة ذهنية لترسيخ ما تعلمه، أما الدروس الخصوصية الحالية فهي امتداد للضغط لا للتعليم."

وتشير رنا يزبك إلى أن هذا الأسلوب لا يؤثر فقط على التحصيل الدراسي، بل يمتد إلى الصحة النفسية للطفل، مما يزيد من القلق والتوتر ويقلل الرغبة في التعلم والاكتشاف، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى فقدان الثقة بالنفس عند مواجهة الامتحانات.

المعلّمة عفراء توضح أن المشكلة تبدأ منذ الصفوف الابتدائية، حيث تقول: "أطفال الابتدائي لا يستطيعون متابعة يوم دراسي طويل، فكيف ننتظر منهم ساعات إضافية في المنزل؟ يصل التلميذ منهكاً، والواجبات والدروس الخصوصية تزيد الطين بلّة." وتؤكد أن الكثير من الأهالي يظنون أن الكم يعوض الفهم، بينما النتيجة غالباً عكسية. وتشير إلى أن الأطفال في هذه المرحلة يحتاجون إلى نشاطات حركية وفنية لتنمية مهاراتهم العقلية والاجتماعية، وليس لمزيد من الحفظ والمراجعة المكثفة.

الأستاذ نعيم، مدرس الفيزياء، يرى أن المرحلة الثانوية تحمل ضغطاً مضاعفاً، قائلاً: "نصل إلى الحصة الأخيرة، فنجد الطالب مستنزفاً ذهنياً، ثم يعود ليأخذ درس فيزياء أو رياضيات في المنزل! العقل في هذه الحالة لم يعد قادراً على التعلم الفعلي، بل على الحفظ المؤقت للامتحانات فقط." ويشير نعيم إلى أن هذا الأسلوب يحول التعليم إلى سباق درجات، ويعيق تنمية مهارات التفكير النقدي والتحليلي، ويقلل قدرة الطالب على ربط المعلومات ببعضها وفهمها بعمق. ويضيف: "الاعتماد على الدروس الخصوصية لحل الامتحانات وحدها يقتل فضول الطالب وشغفه بالمعرفة."

يقول طالب في الصف السادس: "أعود من المدرسة مرهقاً، أتناول الغداء، ثم أذهب مباشرة إلى الدرس الخصوصي. لا وقت للراحة ولا للعب. طفولتي تضيع بين المدرسة والدرس، ونعيش ضغطاً كبيراً من أجل العلامات. لم أعد أحب المدرسة… صار الواجب عبئاً وأشعر بالخوف منها."

ويعكس حديث الطالب كيف أن الضغط المستمر يجعل الأطفال يفقدون شغفهم بالتعلم، ويزيد القلق ويؤثر على أدائهم رغم ساعات الدراسة الطويلة. بينما يعاني طلابنا من ساعات دوام مضاعفة، تعتمد أنظمة تعليم رائدة مثل دول أوربية متطورة في مجال التعليم مبدأ الساعات الذكية بدل الساعات الطويلة، حيث تشمل دوام قصير وحصص مركّزة، واجبات منزلية أقل وفعّالة، راحة ذهنية منتظمة خلال اليوم الدراسي، واعتماد نادر على الدروس الخصوصية. وفلسفة هذه الدول بسيطة: طفل مرتاح = عقل قادر على التعلم الفعّال. وهذا يشير إلى أن جودة التعليم لا ترتبط بطول اليوم الدراسي، بل بكيفية استثمار الوقت والتركيز على الفهم والمهارات وليس الحفظ فقط.

حسب آراء المعلمين والخبراء التربويين، أسباب إرهاق الطلاب تتلخص في دوام مدرسي أطول من قدرة الطفل الطبيعية، تراكم واجبات منزلية غير ضرورية، تضخم الدروس الخصوصية لسد الفجوات، ضغط الأهل خوفاً من ضعف العلامات، مناهج تعليمية تعتمد الحشو بدل المهارات، غياب راحة ذهنية لاستيعاب المعلومات، واختفاء وقت اللعب والهوايات والحركة. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى فقدان الطالب شغفه بالتعلم، وزيادة التوتر والقلق، وحتى أحياناً الإصابة بأعراض جسدية مرتبطة بالإرهاق المستمر مثل الصداع والتعب المزمن.

تشدد الأخصائية التربوية رنا يزبك على ضرورة كسر دائرة الإرهاق وتحقيق تعلم متوازن للطلاب، وتقول: "للتخفيف من الضغط على الطالب، يجب تنظيم وقت الدراسة بطريقة متوازنة بين المدرسة، الواجبات، الدروس الخصوصية، والراحة، مع مراعاة عدم تحميل الطفل أكثر من طاقته. من المهم اعتماد فترات راحة قصيرة بين الحصص والدروس المنزلية لإتاحة الفرصة للعقل لاستيعاب المعلومات، والتركيز على الجودة لا الكم، أي تشجيع التعلم الفعّال والفهم العميق بدل الحفظ السطحي. كما أوصي بتعليم الطلاب مهارات تنظيمية لتقسيم المواد والمهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر يسهل التعامل معها، وتشجيع النشاطات الحركية والفنية يومياً لتفريغ الطاقة وتحفيز التفكير الإبداعي، والتواصل الإيجابي معهم لتقليل الضغط النفسي."

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: