الأربعاء, 19 نوفمبر 2025 11:19 AM

القرار 2803 بشأن غزة: هل يتبدد الحلم الأمريكي على أرض الواقع؟

القرار 2803 بشأن غزة: هل يتبدد الحلم الأمريكي على أرض الواقع؟

تبنى «مجلس الأمن» مشروع قرار أميركياً ليلة الإثنين – الثلاثاء، يهدف إلى دعم خطة دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، ويشمل نشر «قوة دولية» في القطاع. تحظى الخطة الأميركية، التي وافق عليها «مجلس الأمن» بموجب القرار رقم 2803، بدعم أغلبية الدول العربية، بما فيها مصر. تتضمن الخطة تشكيل «قوة استقرار دولية» تتولى مهمة ضبط الأمن في القطاع، وتحل محل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي يُفترض أن تنسحب. كما تتضمن مهمة حساسة وخطيرة تتمثل في «نزع السلاح» من كامل غزة وتدمير البنى التحتية لفصائل المقاومة.

انطلاقاً من خطورة هذا الأمر، تسعى القاهرة لضمان الدعم والتعاون من الفصائل الفلسطينية التي أبدت رفضها للقرار الدولي بعد صدوره بوقت قصير. كما تسعى مصر لصياغة تفاهمات مع الفصائل تسمح بتحقيق ما تصفه بـ«المصالح الفلسطينية». من جهتها، رأت فصائل المقاومة أن تكليف «القوة الدولية» بمهمة نزع سلاح المقاومة يعني فقدان هذه القوة لصفة الحياد وتحولها إلى طرف معادٍ للشعب الفلسطيني. وقد ورد هذا تحديداً في بيان «حماس»، التي أكدت أن «تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، منها نزع سلاح المقاومة، ينزع عنها صفة الحيادية ويحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال».

يحمل هذا الكلام تحذيراً واضحاً لـ«القوة الدولية» والدول التي سترسل جنودها للمشاركة فيها، من إمكانية وقوع «صدام» بين القوة وفصائل المقاومة، في حال أرادت الأولى نزع سلاح الأخيرة وتنفيذ المهام المنوطة بها بالقوة ومن دون تفاهمات مسبقة مع الفصائل.

إلا أن مسؤولاً مصرياً تحدث إلى «الأخبار»، أوضح أن «القوة لن تكون معنية بنزع سلاح المقاومة، بل سيتركز جهدها على سياسة تحييد السلاح» وضمان «عدم إنشاء أي أنفاق جديدة أو إجراء تدريبات عسكرية داخل القطاع، سواء على مستوى حركة حماس أو باقي الفصائل». لكن هذه الرؤية المصرية لمهام «قوة الاستقرار» لا يبدو أنها موضع تفاهم مع الولايات المتحدة، التي أكد رئيسها دونالد ترامب ومندوبوه ومبعوثوه أكثر من مرة أن مهمة «القوة الدولية» هي نزع السلاح وجعل غزة «منطقة منزوعة السلاح». هذا ما ورد في نص القرار الدولي بوضوح، وشدد عليه رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أول من أمس، عندما اعتبر أن «نزع سلاح حماس سيتم، سواء بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة». والطريقة السهلة هنا، بحسب الفهم الإسرائيلي، هي عبر «القوة الدولية» وتحت رعاية الأميركيين، فيما الطريقة الصعبة هي استئناف العمليات العسكرية لجيش الاحتلال في قطاع غزة والعودة إلى الحرب.

وعلى أي حال، يبدو واضحاً أن أياً من الأطراف لا يمتلك رؤية واضحة وخطة مفصلة لما سيكون عليه الوضع في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة، على المدى المتوسط على الأقل. لكن الأكيد أن القطاع ينقسم اليوم إلى قسمين متساويين تقريباً: غزة الشرقية، التي يسيطر عليها جيش الاحتلال وميليشيات متعاونة معه؛ وغزة الغربية التي تسيطر عليه حركة «حماس» وفصائل المقاومة. وبما أن الدول التي سترسل جنودها للمشاركة في «قوة الاستقرار» المفترضة لن ترضى بوقوع تصادم بين جنودها والمقاومة، فإن مهمة نزع السلاح، عبر هذه القوة، تظهر شبه مستحيلة حالياً. وعليه، فإن ما يمكن أن يحصل هو أن تنتشر «القوة الدولية» في المنطقة الفاصلة بين قسمي غزة، وربما في المنطقة التي تسيطر عليها «حماس» أيضاً، لكن من دون وقوع تصادم، أي من دون العمل على نزع السلاح، وهذا ما سيتذرع به العدو لإبقاء احتلاله لنصف القطاع، بعدما كان ربط انسحابه بمسألة نزع السلاح، بشكل مباشر، وهو ما ورد أيضاً في خطة ترامب، وكذلك في القرار الدولي الذي تبناها.

ويسعى الأميركيون، من جهتهم، إلى تقديم ما يسمونه «نموذجاً» لفوائد تطبيق خطة ترامب في قطاع غزة، فيما يمكن أن تتركز جهودهم مستقبلاً في الجزء الذي تحتله إسرائيل، وذلك من خلال تكثيف المساعدات وضبط الأمن وإطلاق عملية إعادة الإعمار هناك، في مقابل إهمال الجزء الآخر وترك سكانه لمصيرهم. وقد تبدو هذه الرؤية حالمة، أو حتى واهمة، خصوصاً أن تجربة العامين الأخيرين، منذ اندلاع الحرب، تظهر كيف مرت على غزة الكثير من المقترحات والخطط والمشاريع التي لم تكن واقعية، وانطلقت من افتراضات خاطئة، وآلت إلى الفشل، الذي لن يكون مستغرباً أن تؤول إليه الرؤى الحالية أيضاً.

مشاركة المقال: