تقدّمت موسكو بمقترح إلى دمشق يقضي بعودة الدوريات الروسية إلى المنطقة الحدودية في جنوب سوريا، وذلك بهدف العمل كقوة فاصلة بين القوات السورية والإسرائيلية. أكد مصدر سوري مقرّب من الحكومة لـ"هيئة البث الإسرائيلية" (كان) أن هذا المقترح لا يزال قيد النقاش وأن الحكومة السورية لم توافق عليه حتى الآن.
يشير مصدر سوري آخر إلى أن إدخال الوجود الروسي ضمن أي تفاهم أمني محتمل بين دمشق وتل أبيب ليس مستبعدًا، خاصة في ظل تكثيف الاتصالات السياسية بين الجانبين الروسي والإسرائيلي. يأتي ذلك بالتزامن مع تقارير كشفت عن مباحثات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول سبل تعزيز الاستقرار في سوريا، وذلك في 15 من تشرين الثاني.
تستند هذه التطورات إلى تاريخ من التعاون الميداني بين الجانبين السوري والروسي، حيث انتشرت القوات الروسية سابقًا ضمن ثماني نقاط عسكرية في منطقة "فضّ الاشتباك" على الحدود بين الجولان السوري المحتل ومحافظة القنيطرة في تشرين الأول 2024، دون اعتراض إسرائيلي معلن على هذا النفوذ.
يجري وفد مشترك من وزارتي الدفاع السورية والروسية جولة ميدانية في الجنوب السوري منذ 17 من تشرين الثاني، شملت عددًا من المواقع العسكرية. وأوضحت وكالة "سانا" أن الهدف من الجولة هو الاطلاع على الواقع الميداني في إطار التعاون بين الطرفين.
يكشف مصدر من محافظة القنيطرة أن رتلًا يضم نحو 30 سيارة، يُعتقد أنه مشترك سوري–روسي، وصل إلى القنيطرة في 17 من تشرين الثاني، وسلك الطريق الغربي للمحافظة، وهو طريق غالبًا ما يكون شبه مقطوع نتيجة الوجود العسكري الإسرائيلي. يمرّ الرتل عبر قرى بئر عجم وبريقة ورويحينة وأم العظام والقحطانية ودوار العلم والحميدية، وهي مناطق تتوغل فيها القوات الإسرائيلية بشكل شبه يومي. ويتوقف الرتل في موقعين بارزين شهدا وجودًا روسيًا سابقًا: منطقة الناصرية التي كانت تضم قاعدة روسية، ومنطقة الحيران التي تواجد فيها ضباط روس سابقًا. وتشهد منطقة الحيران وجود عدد من السرايا العسكرية القديمة لجيش النظام السابق على مسافة ثلاثة كيلومترات من خط الحدود، “من دون تنفيذ أي نشاط واضح”، بحسب المصدر.
ترصد شهادات ناشطين في القنيطرة استنفارًا أمنيًا في الجانب السوري، إذ يقيم الأمن الداخلي حواجز ودوريات في الحيران وسويسة ونبع الصخر وأم باطنة وجبا وخان أرنبة ومدينة السلام (البعث سابقًا) والكوم، مع تدقيق أمني مشدد.
تُعدّ النقاط الروسية في الجنوب جزءًا من انتشار سابق شمل ثماني نقاط مراقبة أنشأتها موسكو في “منطقة فض الاشتباك”. وذكرت وكالة "سبوتنيك" في 9 من تشرين الثاني 2024، أن نقطة "تل أحمر" التي رُفع فيها العلم الروسي تهدف إلى "حماية المنطقة من أي اختراقات محتملة" وسط توتر إقليمي واسع. ويذكر نائب قائد القوات الروسية في سوريا، ألكسندر روديونوف، أن إنشاء هذه النقاط تم خلال فترة تقارب العامين. كما أعادت روسيا تسيير دورياتها في الجنوب مطلع تشرين الثاني 2023 بعد توقف دام أكثر من عام.
تواصل دمشق وموسكو نقاش المقترح الروسي، وسط تقديرات بأن عودة الدوريات قد تُطرح ضمن تفاهمات أمنية أوسع بين روسيا وإسرائيل، في وقت يبقى فيه جنوب سوريا منطقة حساسة مرصودة من جميع الأطراف، بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات السياسية الجارية.