الإثنين, 17 نوفمبر 2025 11:43 PM

صندوق النقد الدولي يضع "خارطة طريق" للتعاون الاقتصادي مع سوريا

صندوق النقد الدولي يضع "خارطة طريق" للتعاون الاقتصادي مع سوريا

أعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق مع سوريا على برنامج تعاون مكثف للمرحلة المقبلة، وذلك عقب زيارة قام بها فريق من موظفي الصندوق إلى دمشق في الفترة من 10 إلى 13 تشرين الثاني. وأفاد بيان صادر عن الصندوق يوم الاثنين 17 تشرين الثاني، أن الاقتصاد السوري يُظهر علامات تعافٍ، وأن الحكومة السورية تمكنت، على الرغم من التحديات الكبيرة، من تبني سياسات مالية ونقدية صارمة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي.

ترأس البعثة رون فان رودن، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى سوريا، والتقى فريقه بوزير المالية السوري محمد يسر برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين آخرين، في اجتماعات وُصفت بأنها "صريحة وبنّاءة".

وذكر البيان أن المناقشات تناولت إعداد موازنة عام 2026، مع تأكيد الصندوق على أهمية "توسيع الحيّز المالي" لتلبية الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الإنفاق الاجتماعي للفئات الأكثر ضعفًا. وأشار البيان إلى أن الصندوق سيقدم دعمًا فنيًا في ثلاثة مجالات رئيسية:

  • تحسين إدارة المالية العامة والإيرادات.
  • إنجاز القانون الضريبي الجديد.
  • وضع استراتيجية لمعالجة الديون القديمة وتعزيز إدارة الدين العام.

وشدد الصندوق على ضرورة صياغة نظام ضريبي "بسيط وسهل الإدارة"، محذرًا من الإعفاءات الواسعة والثغرات التي تسمح بالتهرب الضريبي، خاصة مع سعي الحكومة لإعادة هيكلة مؤسسات الدولة الاقتصادية وإبرام مشاريع كبيرة مع القطاع الخاص.

ووصف وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، بيان صندوق النقد في منشور عبر حسابه على فيسبوك بأنه يشيد بالإصلاحات الاقتصادية والمالية "الرشيدة" التي تقوم بها السلطات السورية، والتي "مكنت من وضع الاقتصاد السوري على مسار التعافي الاقتصادي". وأضاف برنية أن البيان يرسم "خارطة طريق حول الإصلاحات التي يتعين استكمالها في الأشهر القادمة".

إعادة تأهيل النظام المصرفي

بالتوازي مع المسار المالي، ناقشت البعثة مع مصرف سوريا المركزي إعادة بناء إطار للسياسة النقدية يتيح الوصول إلى معدلات تضخم "منخفضة ومستقرة"، وفقًا للبيان. وتعهد الصندوق بتقديم مساعدة فنية في ثلاثة اتجاهات:

  • صياغة تشريعات جديدة للقطاع المالي.
  • إعادة تأهيل نظام المدفوعات والمصارف لضمان قدرتها على أداء دورها في الوساطة.
  • إعادة بناء القدرات داخل المصرف المركزي لتنفيذ السياسات النقدية والإشراف على النظام المالي.

وأشار البيان إلى أن "شحّ البيانات الاقتصادية الموثوقة" لا يزال من أبرز العوائق أمام صياغة سياسات اقتصادية قابلة للتطبيق. وستركز المرحلة الأولى من الدعم الفني على تطوير الحسابات الوطنية، على أن يمتد لاحقًا ليشمل بيانات الأسعار، وميزان المدفوعات، والتمويل الحكومي، والإحصاءات المالية.

ويعتبر هذا المسار شرطًا ضروريًا، بحسب الصندوق، لعودة مشاورات المادة الرابعة التي توقفت منذ عام 2009، والتي تمثل القناة الأساسية لتقييم وضع الاقتصاد السوري من قبل المؤسسة الدولية. وتنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء، وتتم عادةً على أساس سنوي.

ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد. وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعد الخبراء تقريرًا يشكل أساسًا لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص.

وأكدت البعثة في بيانها التزام الصندوق بدعم "إعادة تأهيل الاقتصاد السوري والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية"، مشيرة إلى أن النقاشات تضمنت "خرائط طريق مفصلة" لإصلاح القطاع المالي، وتسهيل تنسيق الحكومة مع الشركاء الدوليين.

سعي لمنحة بمليار دولار

تسعى سوريا للحصول على منحة بقيمة مليار دولار من البنك الدولي، وذلك خلال مشاركتها الأولى منذ أكثر من عقد في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن العاصمة. ويرأس الوفد السوري وزير المالية محمد برنية، وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، مما يعكس رغبة دولية متزايدة في إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي.

وعبر منشوراته على لينكد إن، قال وزير المالية السوري، في 18 تشرين الأول الماضي، في اجتماع مع نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التمويل الإنمائي أكيهيكو نيشيو، إن سوريا تسعى للحصول على نحو مليار دولار من البنك الدولي على شكل منح (لم يحدد عددها) في السنوات الثلاث المقبلة. وتركز النقاش بين الجانبين حول "مكونات المنح التي يمكن أن تحصل عليها سوريا في الفترة المقبلة، والشروط المرتبطة بذلك"، وهو ما عقب عليه برنية بالقول إن هناك "وضوحًا بالخيارات لدى سوريا".

مشاركة المقال: