الإثنين, 17 نوفمبر 2025 10:23 PM

تعديلات دستورية تمنح قائد الجيش الباكستاني عاصم منير حصانة مدى الحياة: ما دلالات الخطوة؟

تعديلات دستورية تمنح قائد الجيش الباكستاني عاصم منير حصانة مدى الحياة: ما دلالات الخطوة؟

أقر البرلمان الباكستاني تعديلات دستورية تمنح قائد الجيش، المشير عاصم منير، صلاحيات واسعة وحصانة مدى الحياة من الاعتقال والملاحقة القضائية، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة النطاق.

التعديل الدستوري السابع والعشرون، الذي أصبح قانوناً نافذاً في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، يُحدث تغييرات جوهرية في طريقة عمل المحاكم العليا، وهو ما تبرره الحكومة بأنه يهدف إلى إضفاء مزيد من الوضوح والهيكل الإداري على القوات المسلحة، وتخفيف تراكم القضايا في المحاكم، بينما يرى المنتقدون فيه تنازلاً عن السلطة لصالح الجيش.

لطالما لعب الجيش الباكستاني دوراً محورياً في السياسة الباكستانية، سواء بالاستيلاء على السلطة عبر انقلابات أو بتحريك الأمور من وراء الكواليس. وباكستان، عبر تاريخها، تأرجحت بين الحكم المدني المحدود والسيطرة العسكرية الصريحة، في ظل قادة عسكريين مثل الجنرال برويز مشرف والجنرال ضياء الحق. ويصف محللون هذا التوازن بـ "الحكم الهجين"، ويرى البعض أن التعديل الأخير يميل بالكفة لصالح الجيش.

ينص التعديل على أن أي ضابط يُرقى إلى رتبة "مشير" سيحتفظ باللقب والزي العسكري مدى الحياة، وسيُمنح "مسؤوليات وواجبات" يحددها الرئيس بناءً على توصية رئيس الوزراء. ويعني هذا أن منير، قائد الجيش منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، سيشرف أيضاً على القوات البحرية والجوية، ما يمنحه دوراً بارزاً في الحياة العامة.

ولد سيد عاصم منير أحمد شاه في راولبندي عام 1966، لعائلة متدينة هاجرت من الهند عام 1947. تلقى تعليمه الديني في مدرسة "دار التجويد"، وهو ما دفع وسائل الإعلام الهندية إلى تسميته "الجنرال الملا" أو "الملا منير".

التحق منير بمدرسة تدريب الضباط عام 1986، وتدرج في المناصب العسكرية، حيث درس وتدرب في مؤسسات عسكرية مختلفة حول العالم، وحصل على درجة الماجستير في السياسات العامة وإدارة الأمن الإستراتيجي من جامعة الدفاع الوطني في إسلام آباد.

تولى قيادة قوات الجيش الباكستاني في المنطقة الشمالية عام 2014، ثم عُين مديراً عاماً للاستخبارات العسكرية عام 2017، ثم مديراً للمخابرات العامة الباكستانية، ليصبح أول قائد للجيش يترأس جهازي الاستخبارات الرئيسيين. لكنه أُقيل من منصبه من قبل رئيس الوزراء السابق عمران خان بعد ثمانية أشهر فقط.

بعد خروج خان من السلطة، رُقي عاصم إلى منصب قائد الجيش في نوفمبر/تشرين الثاني 2022. واتخذ الجيش الباكستاني، تحت قيادة منير، موقفاً متشدداً تجاه حركة إنصاف الباكستانية وعمران خان، وتتهمه التقارير الدولية بأنه كان محورياً في القرارات التي أدت إلى سجن خان و"قمع" نشطاء الحركة.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أقر البرلمان تعديلاً على قانون الجيش يمدد فترة ولاية قادة القوات المسلحة إلى خمس سنوات، ما رسخ وجود منير على رأس القيادة العسكرية حتى عام 2027.

في مايو/أيار 2025، خاضت باكستان والهند تبادلاً لإطلاق الصواريخ، وأشادت إسلام آباد بدور منير في إدارة الأزمة ومنع تصعيدها، ما دفع الحكومة إلى الاعتراف بقيادته في زمن الحرب عبر ترقيته إلى رتبة مشير.

ويرى المنتقدون أن التعديلات الدستورية تهدف إلى ترسيخ سلطة الجيش فوق الرقابة المدنية وتقليص صلاحيات المحكمة العليا، وتحصين الانتهاكات المحتملة من المساءلة القانونية.

تُصور إدارة العلاقات العامة للجيش الباكستاني قائد الجيش باعتباره رئيس العمليات للدفاع الوطني، وتُشرك وزارة الخارجية قائد أركان الجيش في التفاعلات على مستوى السياسة الخارجية والأمن.

يُنظر إلى منير على نطاق واسع داخل باكستان على أنه الشخصية الأقوى في البلاد، نظراً لنفوذ الجيش على السياسة الخارجية والأمنية والسياسية. ويرى قانونيون أن إضفاء الطابع الدستوري على دوره يعني أن صلاحياته أقل عرضة للطعن من قبل المحاكم أو المؤسسات المدنية.

زار المشير عاصم منير الولايات المتحدة في يونيو/حزيران من العام الجاري، واستضافه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض، ناقشا خلاله التعاون في مكافحة الإرهاب، والأمن الإقليمي، والعلاقات الثنائية.

ويرى محللون أن الزيارة تشير إلى إعادة تقييم للعلاقة الأمريكية الباكستانية في عهد ترامب، ومنحت منير منصة دولية بارزة، وعززت مكانته الدولية وعقدت العلاقات مع الهند.

(BBC)

مشاركة المقال: