الإثنين, 17 نوفمبر 2025 10:23 PM

تحقيق إيطالي في مزاعم تورط أثرياء بقنص مدنيين خلال حصار سراييفو مقابل مبالغ مالية

تحقيق إيطالي في مزاعم تورط أثرياء بقنص مدنيين خلال حصار سراييفو مقابل مبالغ مالية

تجري النيابة العامة في ميلانو بإيطاليا تحقيقًا رسميًا في ادعاءات خطيرة حول قيام أثرياء أجانب بدفع مبالغ مالية كبيرة في تسعينيات القرن الماضي للمشاركة في ما وصف بـ "رحلات سفاري بشرية" خلال حصار سراييفو في البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و 1996. وتدور هذه الرحلات حول قنص المدنيين، وخاصة الأطفال، بدلًا من الحيوانات، وهو الأمر الذي أثار صدمة في أوروبا والعالم.

وبحسب ما كشفته الصحافة الإيطالية، يستند التحقيق إلى شكوى قدمها الصحفي والكاتب الاستقصائي إيزيو غافازيني، مدعومة بشهادات ووثائق وأفلام وثائقية، بما في ذلك الفيلم السلوفيني "سفاري سراييفو" الذي صدر عام 2022.

وفي تصريحات لوسائل الإعلام الإيطالية، أوضح غافازيني أن الشكوى، المؤلفة من 17 صفحة، تتضمن ادعاءات بأن أثرياء من جنسيات مختلفة، من بينهم إيطاليون وفرنسيون وبريطانيون وسويسريون وأمريكيون، دفعوا مبالغ تصل إلى 90 ألف دولار لمرافقة جنود صرب سابقين إلى التلال المحيطة بسراييفو في عطلات نهاية الأسبوع. وكان الهدف من ذلك هو قنص الأطفال فوق التلال كنوع من "الترفيه الحربي" خلال سنوات حصار المدينة، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني.

ووفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، تضمنت الأدلة المقدمة شهادات لجنود صرب سابقين تحدثوا عن أجانب مهووسين بالأسلحة يسافرون من ميناء ترييستي الإيطالي إلى بلغراد، قبل نقلهم إلى مواقع قنص أقيمت على المرتفعات المطلة على المدينة. وأشارت الشهادات إلى أن هؤلاء الأجانب ركزوا خلال عمليات القنص على الأطفال كأهداف مفضلة، وهي روايات سبق أن أثارها الفيلم الوثائقي "سفاري سراييفو" نفسه.

وأشار غافازيني أيضًا إلى أن الأدلة تشمل شهادة ضابط في الاستخبارات العسكرية البوسنية، حيث روى تفاصيل عن إصابة ومقتل مدنيين، من بينهم أطفال من البوسنة والهرسك، على يد قوات الصرب، مؤكدًا أن طبيعة هذه الجرائم تجعلها لا تسقط بالتقادم.

وقد تباينت المواقف حول صحة هذه الادعاءات، حيث نفى مقاتلون صرب سابقون وجود ما يسمى بـ "سياحة القنص". كما صرح عناصر من القوات البريطانية الذين خدموا في سراييفو خلال التسعينيات لقناة "بي بي سي" بأنهم لم يسمعوا مطلقًا بمثل هذه الممارسات، معتبرين أن نقل أجانب إلى خطوط القنص كان سيواجه صعوبات لوجستية كبيرة بسبب وجود نقاط التفتيش وانتشار القوات المتحاربة.

ويواصل الادعاء العام الإيطالي حاليًا دراسة الأدلة والشهادات الواردة في الشكوى، في انتظار تحديد ما إذا كانت هذه الوقائع ستفتح الباب أمام ملاحقات قضائية دولية بحق الأشخاص المتورطين.

وتعد سراييفو إحدى أكثر المدن تضررًا خلال الحرب في البوسنة والهرسك، حيث تعرضت بين عامي 1992 و 1996 لأطول حصار في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص نتيجة القنص والقصف ونقص الغذاء والدواء. وكان شارع "ميشا سليموفيتش" المعروف بـ "زقاق القناصة"، واحدًا من أبرز رموز الحصار حينها، إذ اشتهر بخطورته الشديدة على المدنيين، وكان أحد أهم الممرات المؤدية إلى مطار المدينة.

مشاركة المقال: